الاثنين، 28 أبريل 2008

محطات من أنفال به هدينان - المحطة الأولى


محطات من أنفال به هدينان
(المحطة الأولى)
ناظم ختاري
بعد أن قررت قيادة حزبنا الشيوعي العراقي دمج التنظيم المحلي مع وحدات قوات الأنصار في منتصف عام 1988 قبل إيقاف الحرب العراقية – الإيرانية التي كان الحزب يدعو إلى إنهائها .. وبعدما كانت منظمات الحزب المدنية ( الكوادر العاملة في هذه المنظمات ) تعمل منفصلة عن الوحدات العسكرية كان بينها تنسيقا لم يكن يرتقي إلى مستوى المهام الملقاة على عاتق الجانبين ، تشكلت بعد ذلك مباشرة مفاصل عمل أخرى وهنا أنا أتحدث عن المنطقة التي كنا نعمل فيها وكانت مقراتنا تتركز في (كه لي مه رانى)* كان يعمل فيها الفوج الأول لأنصار الحزب والذي كان يعمل عسكريا في حدود المناطق المحيطة من جهة الشمال الشرقي بمدينة دهوك وثم مناطق (د ه شت الموصل)* وبالتحديد شيخان و تلكيف ومناطق أتروش وعقرة ولم تكن مفارزها تتلكأ في الوصول إلى أية منطقة أخرى عندما كانت الحاجة تتطلب ذلك .و من الجدير بالذكر أن مفارز هذا الفوج حققت العديد من الانتصارات في عملياتها العسكرية استطاعت من خلالها توجيه ضربات موجعة في مناطق مختلفة من التي جاء ذكرها أعلاه لقوات العدو وأجهزته القمعية وكانت تحظى هذه المفارز بتقدير جماهير المنطقة واحترامها ، وقدمت في هذا السبيل تضحيات غالية عندما فقدت في معاركها العديد من الأنصار الأعزاء والأبطال ، وفي الواقع كان هذا هو الثمن الذي يقبل به كل نصير بطل عمل في أية وحدة عسكرية تابعة للحركة الأنصارية للحزب الشيوعي العراقي .وكذلك كانت هناك لجنة محلية نينوى وهي هيئة حزبية كانت تقود العمل الحزبي التنظيمي والسري على مستوى المحافظة بالإضافة إلى مهام أخرى كانت تتكلف بها من قبل قيادة الحزب وطبقا لهذا القرار والذي كان يعتبر مطلبا ملحا للغالبية العظمى من الرفاق الأنصار تشكلت هيئة قيادية موحدة تقود العمل في الجانبين كان يعمل فيها رفاق يمتلكون خبرات تنظيمية وآخرين أصبحوا قادة عسكريين مجربين في معارك هامة مع قوات النظام . وسميت هذه الهيئة من جديد بلجنة محلية نينوى أنيطت مسؤوليتها الأولى( بأبو سالار) لبيد عباوي الذي كان عضوا في اللجنة المركزية للحزب وأنيطت مسؤوليتها العسكرية بالرفيق توفيق ( خيري درمان ) وتوزعت المسؤوليات الأخرى على رفاق آخرين كانوا ضمن هذه اللجنة ربما يقودنا الحديث لاحقا الإشارة إلى أسماءهم أو أدوارهم وخصوصا إننا عملنا معا فيما بعد واضعين الخطط حول كيفية التخلص من حصار قوات الجيش والجحوش مع العديد من الرفاق ، وقد أمتنع عن ذكر بعض الأسماء تحسبا لهذه الظروف الغير طبيعية في عموم العراق .والجدير بالذكر ارتبطت بهذه اللجنة لجان موحدة تقود العمل العسكري والتنظيمي على مستوى الأقضية لم يكتمل نصاب أية لجنة منها غير لجنة تلكيف التي أتمت ترتيباتها قبل الآخرين ، وعلى أثر هذه التغيرات التي أخذت وقتا ليس بقصير وجهدا كبيرا كلفت للعمل في لجنة تلكيف التي أصبحت تعمل انطلاقا من مقر (بير موس) وهو من المقرات القديمة يعود تاريخ العمل فيه إلى فترة الستينيات عندما كان رفاق الحزب يشاركون الشعب الكوردي انتفاضاته المسلحة فارتبط اسم هذه القرية ببطولات الشيوعيين ومآثرهم وكان ينطلق منها الشيوعيون نحو القرى والمدن لبناء خلايا حزبية فيها . وأستطاع الأنصار قبل عملية الدمج أعادة تأهيله لممارسة العمل البارتيزاني وها صرنا ننطلق منه لمواصلة بناء وتقوية منظمات الحزب في مناطق (الده شت) بعد عملية الدمج .وثمة حاجة إلى القول بأن هذه منظمات (الده شت) كانت بحق من المنظمات الحزبية النشيطة وخلال مسيرتها استطاعت تحقيق الكثير ولم تكن تدخر جهدا في المبادرة لتنفيذ مهامها إلى جانب تلك التي كانت تكلف بها من قبل الهيئات الأعلى وكانت خدماتها بالنسبة إلى الحزب عظيمة وتشكل عصبا مهما فيه .كلفت ضمن هذه اللجنة بقيادة العمل التنظيمي في حدود القضاء مع رفاق آخرين وكانت اللجنة بقيادة الرفيق أبو ظاهر وكان بين رفاق هذه اللجنة أيضا الرفيق أبو أمل الذي كلف بمسؤولية اللجنة في الجانب العسكري وكان ضمن هذه اللجنة رفاق آخرين مكلفين بمهام أخرى يتطلبها عملنا الأنصاري والتنظيمي . وهكذا بدأنا بترتيب أمورنا ووضع خططنا العملية للتحرك وفقها في المستقبل وربما كان هناك بعض الخلل يرافق عملنا لأن تجربة العمل المشترك كانت جديدة وفي بداياتها وكانت تحتاج إلى وقت أطول لإيجاد أفضل السبل للعمل والتناغم معها ، بالرغم من أن الغالبية من الرفاق والأنصار كانت تجيد الكثير في مجال العمل العسكري والتنظيمي ومناورة العدو ، ومن هنا أصبحت الأمور تسير و تترتب بشكل معين .ورغم أن وتيرة الضربات الموجعة والموجهة ضد مختلف مناطق كوردستان وقوات الأنصار والبيشمه ركه من قبل قوات الجيش العراقي التي بدأت تنسحب من جبهات الحرب مع إيران كانت تتصاعد بشكل جنوني بات فيها استخدام الأسلحة الكيماوية أمرا معروفا ، صار(صارت) كل واحد أو مجموعة منا يتوجه (تتوجه) إلى عمله (عملها ) بعد الاجتماع الأول للجنتنا وكان هذا في منتصف شهر آب أغسطس . حينما توجهت إلى حيث عملي في عمق ريف تلكيف وذلك لمتابعة العمل الحزبي وترتيبه في هذه القرى والذي كان يمتاز بدرجة عالية من الانضباط والمتانة والذي عصى على أجهزة أمن النظام لاختراقه . وبالنسبة لي لم أكن أحتاج إلى إجراءات تنظيمية أستلم بواسطتها التنظيم مجددا فرغم انقطاعي عن المنطقة لفترة معينة التقيت بسهولة برفاق المنظمة ( لجان مصغرة وخلايا وعلاقات فردية أو خيطية ) ، ولكن الأمر في كل اللقاءات التي أجريتها كان مختلفا هذه المرة فكان هناك خشية شديدة من تحركات السلطة وما ستؤول إليه هذه التحركات ، وجدت جميع الرفاق في هذه الخلايا يشتركون في حدس واحد هو أن السلطة الدكتاتورية عازمة هذه المرة على إنهاء وجود حركة الأنصار والبيشمه ركه ومن خلال القضاء على الحياة في ريف كوردستان ولذلك كانوا يعيشون قلقا كبيرا على مستقبلهم ومصيرنا ويتوقعون تصاعدا خطيرا من قبل أجهزة النظام القمعية لملاحقة تنظيمات الحزب وجماهيره في مختلف المناطق بموازاة بدء حملة تطهير كوردستان من الأنصار والبيشمه ركه ، وتصاعدت مطالبة هؤلاء الرفاق بتصميم ودراية تامة على ضرورة الانسحاب إلى خلف الحدود وإنقاذ حياة البيشمه ركه وعوائلهم وحياة جماهير المنطقة التي ستتعرض إلى الهلاك والدمار .ومن الواضح أن إجلاء سكان ريف كوردستان من أرض آباءههم و أجدادهم إلى أرض دولة أخرى ووسط هذه الحشود العسكرية التي عملت على قطع كل الطرق المؤدية إلى داخل الأراضي التركية قضية في غاية التعقيد وبقاءهم متشبثين بأرضهم يعد هو الآخر شبه انتحار جماعي، وخصوصا بعدما تأخر الوقت ولم يعد لصالحنا في مناطق كثيرة كما كان الحال عندنا في بهدينان ..!! ويمكنني الحديث عن هذه المسألة في المحطات التالية بشئ من التفصيل لأن هذا الأمر كان على صلة وثيقة بقرارات وإجراءات غير متأنية اتخذت في خضم الحدث . مكثت هناك في هذه القرى أياما قلقة مرت سريعا و أجبرتني تصاعد ورود أخبار سيئة من جميع المصادر حول الأعداد الهائلة من قوافل الجيش العراقي التي كانت تتوجه إلى كوردستان بكافة أسلحتها قادمة من جبهات القتال مباشرة لتنفيذ هذه الجريمة التي أصبح يدرك خطورتها البالغة كل المواطنين . زرت خلال هذه الأيام أهلي وكانوا يشاركون كل الذين التقيتهم الإحساس بخطورة الوضع وأبدوا قلقا بالغا لمصيرنا المجهول وخصوصا كانت تربطهم علاقات وثيقة بأعداد كبيرة من العوائل الموجودة في الحصار وأبناءهم الأنصار قبل التحاقهم بصفوف البيشمه ركه ، ودعتهم وهم يقولون وكيف سيكون الأمر بالنسبة لك ..؟ فقلت لهم ما كانوا مقتنعين به تماما وهو أما سأتحرر من قبضة عساكر النظام وعندها ستكون وجهتي الخارج ، وأما سأقع في فخ لهم وعندها تكون النتائج معروفة . وهذا ما أحزنهم أشد حزن .- (كه لي مه رانى)* كه لى ( وادي) .. مه رانى قرية تقع ضمن هذا الوادي تركها أهلها قبل سنوات طويلة من تأسيس مقرنا فيها ، سأحاول ضمن هذه المحطات الحديث عن بدايات تأسيس مقرنا في هذه القرية . - (د ه شت الموصل)* سهل الموصل وأستخدمت كلمة الده شت في التعامل اليومي والمخاطبة بشكل طبيعي إلى جانب العديد من الكلمات الكوردية من قبل رفاقنا العرب وكذلك في الكتابة سواء من قبل الكتاب الأنصار أوالمجالات الأخرى.

ليست هناك تعليقات: