الاثنين، 28 أبريل 2008

قضايا ملحة تواجه المجتمع الأيزيدي 2-3


قضايا ملحة
تواجه المجتمع الإيزيدي
ناظم ختاري 2 - 3

ثانيا - الحزب السياسي الإيزيدي و المشاركة الفعالة في الإنتخابات القادمة .

بكل تأكيد إن كل الإيزيديين يعملون كل ما في وسعهم للمشاركة الفاعلة في الإنتخابات القادمة ، ولكنه و بكل تأكيد أيضا ، يختلفون حول كيفية المشاركة وكيفية تسمية مرشحيهم لهذه الإنتخابات .

فمن المعروف إن أوساط واسعة من أبناء هذه الديانة عملوا و يعملون الآن ضمن ثلاثة أحزاب بالدرجة الأساسية، الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الشيوعي العراقي والأخير لم يحظى بالسلطة وبالتالي فإن أعضاءه من أبناء الديانة الإيزيدية لم يحصلوا على مراكز أو مناصب إدارية أو سلطوية لكي يتسنى للمواطن الإيزيدي تقييم هؤلاء الناس وطبيعة سلطتهم وعلاقتها بمصالح الجماهير الإيزيدية التي تتعرض إلى المزيد من الاهمال علاوة على إن حقوق هؤلاء انفسهم تتعرض إلى الضياع بالرغم من التضحيات الجسيمة التي قدموها في ساحات النضال من أجل الحرية وضد دكتاتورية العهد البائد،

وأرتباطا بهذا وإلى جانب الضغوط العديدية التي تعرضت لها قاعدة الحزب الجماهيرية والتضييق المادي والمعيشي والأمني والملاحقات المستمرة التي تعرض لها أعضاءها من قبل النظام البائد والمستمرة في ظل الظروف الحاليةالجديدة إلى جانب أسباب أخرى داخلية لسنا بصددها الآن إنكمش دور منظمات الحزب الشيوعي وقل تأثيرها في المناحي المختلفة لحياة جماهير المنطقة ،الأمر الذي مهد أكثر للحزبين الكورديين الهيمنة المطلقة من حيث ممارسة السلطة على مناطقنا ، فهنالك من في هذين الحزبين من السياسيين الإيزيديين يتبوأون مراكزا قيادية وبالذات في الجانب الإداري على مستوى كوردستان وعلى مستوى العراق كله، فهم يمتلكون ثلاثة مقاعد في الجمعية الوطنية العراقية وثلاثة أخرى في البرلمان الكوردستاني إلى جانب ثلاثة مقاعد وزارية متوزعة بين الحكومة المركزية وحكومتي الأقليم المنتهية ولايتها معا ،

ولم يظهر لحد الآن أي ترشيح للإيزيديين للحكومة المركزية المقبلة ولا للحكومة الكوردستانية المقبلة أيضا . إضافة إلى هذا توجد هيئتين إستشاريتين من هؤلاء تابعتين للحزبين ، اللتين يدور حولهما الكثير من الشكوك و الحديث بسبب عدم نزاهة الاثنتين والأدوار الفاسدة التي يلعبها أعضاءها ، وإلى جانب كل هذا فالواقع يطرح عدة أسئلة بهذا الشأن ، هل هؤلاء يمثلون أبناء جلدتهم في هذه المؤسسات الحزبية والإدارية.؟ هل هؤلاء يعترفون ولو بقليل من الخصوصية لأبناء هذه الديانة؟ هل هؤلاء يحملون صلاحيات معينة في مواقع مسؤولياتهم ؟ في الواقع عند الإجابة على هذه الأسئلة سيلاحظ المرء ما لايتمناه للأسف الشديد، فكل الدلائل تشير إلى عكس ذلك ،

وهنا لابد لي أن أشير بالتقدير لبعض الاخوة الذين ناضلوا طويلا في سبيل الحرية أبان عهد الدكتاتورية في صفوف هذه الأحزاب ، فمن حقهم أن يكونوا في أي مواقع تختارها لهم أحزابهم بصفتهم مناضلين في صفوفها ، ولكنه ليس من العدل والأنصاف أن يفرض هؤلاء على أبناء جلدتهم ما تمليه عليهم أحزابهم من مواقف و سياسات تتناقض مع خصوصية المجتمع الإيزيدي وفي الغالب عبر ممارسة سياسة الترهيب والترغيب وبالتالي أن يكون هؤلاء ممثليه في مؤسسات الدولة، لأنه في الواقع هؤلاء يرفضون أية خصوصية لأبناء هذه الديانة خارج ما تتصورها هذه الأحزاب وخارج إطار الكوردايتي وخارج كفاح وشخصيات هؤلاء المسؤولين ، في وقت نعمل فيه جميعا من أجل ترسيخ التعددية وغيرها من المفاهيم التي تؤسس لمجتمع ديمقراطي حقيقي .

وعلى أساس ما جرى الإشارة إليه فإن هؤلاء لايملكون أية صلاحيات تحقق لأبناء جلدتهم أية مكاسب حقيقية غير بعض ما يعتبر مكارم القادة و المناضلين وكأنه كنا خارج هذا الكوكب وحللنا عليه ضيوفا فأكرموننا، متناسين إن كل العراقيين يستحقون حكومة يعمل فيها من هو قادر على تقديم المزيد من الخدمات وليس إلى حكام يقدمون من أموال الشعب ومقدرات الوطن مكارما تسمى بأسماءهم من أجل مصالح حزبية ضيقة ، فثروات بلادنا كبيرة إذا ما أحسن التعامل معها بروح من المسؤوليةالوطنية ستجعل المواطن العراقي أسعد إنسان من على وجه هذه الأرض، هذا إلى جانب سلب الكثير من الحقوق المدنية والضغط النفسي وأخيرا سياسة الاستيطان التي كثر الحديث عنها في الفترة الأخيرة في الشيخان وفي باعذرة ودوشفان المغتصبة .

فمن هنا يتأكد لنا ان هذا الوسط لايدخل الإنتخابات خارج حدود اللعبة الممارسة في الإنتخابات السابقة . ولكنها أي هذه الإنتخابات وما رافقتها من سلبيات خطيرة على الأقل بما يتعلق بالإيزيدية من الحرمان في المشاركة وإلى الممثلين في المجلسين أي الجمعية الوطنية العراقية والمجلس الوطني الكوردستاني والوزارات علاوة على عددهم ، كل هذا لايتناسب مع مستحقات المرحلة ومكانة المجتمع الإيزيدي وضرورة إنصافه وتعويضه ودور أبناءه في مكافحة الدكتاتورية وفي سبيل الحرية ، دفعت أوساط واسعة من أبناء هذه الديانة بعد الاحباط إلى التفكير الجدي على ضرورة تشكيل حزب سياسي ايزيدي أو حزب للايزيدية ، لكي يكون بديلا عن الأحزاب التي ألحقت بهم الكثير من الغبن علاوة على الغبن الموروث من العهود السابقة، وكذلك أن يكون كفيلا بمعالجة هذا الغبن .

إذن هل لنا الحق في إنشاء هذا الحزب .. هل هكذا حزب ضروري في الوقت الحاضر .. وهل يكون الحزب إيزيديا أم حزبا للإيزيدية.. وهل هنالك محرمات وعوائق في طريق نشوءه .. وهل نخوض الإنتخابات بقائمة خاصة تحت اسم هذا الحزب..؟

أسئلة لابد من الإجابة عليها . وبدء ذي بدء ، اشير إلى إنه من حق أية مجموعة بشرية أن يكون لها كيانها السياسي تعمل ضمنه وتستخدمه من أجل تحقيق مصالحها المختلفة وبأساليب مشروعة و الفقرة ج من المادة الثالثة عشرة من قانون إدارة الدولة تشير إلى ( إن الحق بحرية الإجتماع السلمي وبحرية الانتماء في جمعيات هو حق مضمون ، كما أن الحق بحرية تشكيل الأحزاب والانضمام إليها وفقا للقانون هو حق مضمون ) ،لا شك إن هذا الحق يتعطل في المجتمعات التي تسودها الدكتاتورية وليس من الضروري أن تعتمد هذه الدكتاتورية على نظام الحزب الواحد، بل يمكنها الإعتماد على نظام تعدد الأحزاب كما يحصل الآن في العراق ، فكثيرا ما تتصرف الأحزاب المتعددة بشكل مطلق بمصائرالجماهير والتسلط على رقابها خلافا لما يجري العمل من أجله وهو بناء النظام الديمقراطي الذي يكون فيه الإنسان سيد نفسه . ومما يجدر بالقول إن أية مجموعة بشرية لاتقدم على إنشاء حزب سياسي لها ما لم تكن هنالك ضرورة لقيام هذا الحزب و ما لم تشعر بالقهر الإجتماعي والظلم وعدم المساوات مع الآخرين في مختلف المجالات ، هذا الحزب الذي بواسطته تدخل هذه المجموعة البشرية الحياة السياسية لتحقيق أهدافها ، وبالنسبة إلى أبناء الديانة الإيزيدية ،لا يتجرأ أحدا أن يقول إنهم بمنأى عن كل ما جرى الإشارة إليه من قهر وظلم وعدم مساوات . فلذلك إن الوقوف أمام نشوء مثل هذا الحزب لن يكون مفيدا وسوف لن ينجح في الواقع لأنه هناك شريحة واسعة من الشبيبة الإيزيدية تنشد و تنحاز إلى هذه الحقيقة ، وهذا الانشداد أو الانحياز،إلى جانب واقع حال الإيزيدية المتردي يشكلان أهم عاملين وهما العامل الذاتي والعامل الموضوعي لنشوء كيان سياسي ولكنه أي العامل الموضوعي يبقى يتأثر بما يحيط به من عوامل غير صحية يفرزها الوقع السياسي في كوردستان التي ستسعى إلىإعاقة هذا الشأن الخاص .

وإن نشوء مثل الحزب سيضيف في حالة حصوله نكهة خاصة للتعددية التي ينبغي أن يصبح تكاثرها طبيعيا عندنا في كوردستان بشكل خاص والعراق بشكل عام ، وهنا لابد من الإشارة إلى أن هذا الحزب السياسي لن يشكل خطرا جسيما على أي نظام سياسي ، ولايهدد أي انتماء قومي ، سواءا كان في كوردستان أو العراق ،لأنه لايستهدف إلى إقامة نظام سياسي يكون بديلا عن النظام التعددي في العراق مثلا ، فكل ما سيسعى إليه هذا الحزب تمثيل مصالح أبناء هذه الديانة الذين وجدوا أنفسهم مهمشين في المجالات المختلفة وكانوا كذلك منذ عهود طويلة وكما أسلفنا .

وبكل تأكيد سوف لن يكون هذا الحزب دينيا لأن الذين ينشدونه وينادون به ليسوا بمتدينين ، هذا من جانب ومن الجانب الآخر فإنه يختلف عن الأحزاب الدينية الأخرى كونه ينشأ في ظروف وبيئة أقرب إلى العلمانية منها إلى الفكر الديني المتطرف وهو يعبر بالتالي عن طموحات أبناء ديانة وجدوا أنفسهم ضحية الآخرين ، ديانة تؤمن بالتسامح والعيش المشترك مع الغير واحترامه ، و لم يكن يوما ما أبناء هذه الديانة يشكلون خطرا على الآخرين فهم أقرب إلى التمدن منه إلى العسكرة . ولذلك فإن نشوء هذا الحزب ينبغي أن يعتمد على مبدأ كونه حزبا للإيزيدية يعبر عن طموحاتهم في الجوانب السياسية والإقتصادية والثقافية والدفاع عن بقية حقوقهم ، وليس حزبا ايزيديا ذو طابع ديني يتعلم منه الناس كيفية تأدية الواجبات الدينينة ، وأن يصبح أعضاءه مرشدين في الشؤون الدينية .

ويبقى السؤال الآن هل يدخل الإيزيديون العملية الانتخابية تحت أسم هذا الحزب الذي لم يتشكل لحد الآن .؟ لاأظن إن ذلك سيكون مفيدا ، ويحقق شيئا لأبناء الإيزيدية على الأقل في الانتخابات القادمة المزمع إجرائها في نهاية العام الجاري ، لأنه وكما هو واضح فالحزب لم يتشكل بعد والصراع حول إنشاءه أو عدمه على قدم وساق ، فبالرغم من انني سوف لاأنتمي إلى هذا الحزب ولكنني سيكون نشوءه من دواعي سروري ، وسأبذل جهدا كبيرا من أجل إنجاحه لو توفرت الإرادية الحية لأصحاب هذه الفكرة ، وأنا واثق من ذلك .

على أية حال أرى أن تأخذ الانتخابات القادمة الحيز الكبير من تفكير أبناء مجتمعنا ، وعليه ينبغي العمل سريعا من اجل تحديد شكل المشاركة لمن لايريد أعطاء صوته إلى القوائم الأخرى التي ستخوض هذه العملية ، ولابد أن نأخذ بالحسبان وجود العديد من منظمات المجتمع المدني الخاصة بالإيزيدية علاوة على بعض النواتاة التي تتفاعل على أرض الواقع على أساس وجود برامج سياسية لها إلى جانب العديد من الشبيبة المثقفة والواعية والناشطة و التي تهمها مصلحة المجتمع الإيزيدي .

وإن ألتـفاعل الإيجابي والعمل الحريص بين هذه المجموعات ، سيؤدي إلى تشكيل انتخابي مؤثر ومؤهل لطرح قائمة خاصة من عناصر تتميز بالجرأة للدفاع عن مصالح الإيزيدية وتتحلى ببرنامج ورؤية مستقبلية واضحة وذهنية مفتوحة ومرنة قادرة على نيل ثقة جماهير الإيزيدية ، وثم تتحرك من أجل التفاوض مع القوائم الأقرب للتحالف معها وفق شروط تحقق طموح الإيزيدية ، مثل القائمة أو القوائم الكوردية وقوائم القوى العلمانية والقوى اليسارية الديمقراطية وكذلك الأقليات الدينية الغير متطرفة.

ومن الجدير بالذكر إن أي انتصار يحققه هذا التوجه الأنتخابي سيشكل مرتكزا صلبا لقيام حزب سياسي خاص بالإيزيدية قويا طموحا

ليست هناك تعليقات: