الاثنين، 28 أبريل 2008

من يسقي أهل حتارة مياها عذبة يدخل إلى الجنة بدعاءهم

من يسقي أهل حتارة مياها عذبة يدخل إلى الجنة بدعاءهم
ملاحظة .. كتبت هذه المادة ونشرتها في بحزانى في بداية انطلاقتها تحت اسم ك ختاري ، واليوم كنت باحثا عن معلومة ما في كوكل ، فتراءت أمامي هذه المادة ، لذا وجدت من المناسب ان أرسلها إلى موقعنا العزيز الذي يختص بقضايا القرية ، وهو موقع ختارى كوم تاركا خيار النشر من عدمه لمحررته العزيزة نهاد ، وخصوصا لازالت الحلول الخاصة بهذه المشكلة لا تتعدى الجهود الذاتية لأهالي القرية ، إذ يقومون بحفر الآبار في بيوتهم وهي تكلفهم كثيرا في الجانب المادي ، أما السلطات المحلية فلا شأن لها بهذا الخصوص ، غير إنها عندما حصلت على نسبة معينة من المال قامت بتبذيرها أسوا تبذير وهذا كان في الشهر الخامس من العام المنصرم ، عندما دفنت مقابل هذه المبالغ خطا ثالثا من الأنابيب في أزقة القرية دون إسالة الماء فيها ، وهذا ما حدا ببعض الشباب أن يعلقوا بالقول إن خط الأنابيب الأول هو للماء البارد والخط الثاني للماء الساخن ، أما الخط الجديد والثالث فهو خاص بالمياه الغازية التي ستصل إلى القرية بعد الانتهاء من عملية الدفن مباشرة .
أدخلت بعض التعديلات اللغوية البسيطة في المادة وأصلحت من بعض الأخطاء الإملائية بقدر ما رأيتها .
ناظم


ناظم ختاري

كان ذلك منذ زمن بعيد لا يعرف محدثي تاريخا محددا له عندما قرر ذلك الشاب شد الرحال و أخذ زوجته من منطقة تبعد عن قرية حتارة الحالية بحوالي 7_ 8 كيلومترات وهي تسمى (كرى خه تارى ) أي تل حتارة و السكن بجوار ينبوع تتدفق منه مياه نقية صافية و الذي كان يقع في وسط حتارة الحالية و قال محدثي السيد رشيد بركات والذي أكد إن ما يرويه منقول من واحد للأخر و ينقصه التدقيق مشيرا إلى وجود روايتين منقولتين حول الأسباب التي دفعت ذلك الرجل إلى ترك قريته الواقعة في منطقة تل حتارة واهلها ، علما هنالك أدلة كثيرة تؤكد بأن هذه المنطقة أي تل حتارة كانت فعلا مأهولة بالسكان قديما . فقال إن الرواية الاولى تشير الى الشحة الحادة لمياه الشرب التي كان يعانيها أهل القرية والمصاعب الجمة التي كانت ترافق الحصول عليها للبقاء على قيد الحياة . والرواية الثانية تشير إلى حملات القتل التي كان يتعرض لها أهل القرية على يد جيرانهم الإسلام . وإن كلا الروايتين تؤكدان إن أهل القرية لم يبقى منهم أحدا على قيد الحياة ما عدا ذلك الرجل الذي هجر القرية إلى حيث موقع حتارة ألآن. والذي بدأ رحلة حياته الجديدة سعيدا على ذلك النبع و تقول الروايات إنه أي ذلك الرجل خلف وراءه سبعة أولاد عاشوا حياتا هنبْة بفضل المياه الصافية التي كانت تتدفق من هذا النبع ، ويرجح محدثي السيد رشيد في أمسيتنا حيث كنا نتناول كؤوسنا من الخمر(العرق) على طريقة أهل حتارة، بأن القرية انقسمت إلى سبعة أفخاذ منذ ذلك الزمان و نسبة إلى ذرية هؤلاء السبعة الذين خلفهم ذلك الرجل ، ومن المعروف توجد في حتارة الآن سبعة أفخاذ . وحيث لا أريد أن أقع في أي إشكال تاريخي فأنا لست بصدد الخوض بأي شكل من الأشكال في تاريخ هذه القرية التي طالما حلمت أن أعيش فيها حرا طليقا أحصل فيها على ماء للشرب والاغتسال بما يكفي وخصوصا إن نهران عظيمان هما دجلة والفرات يشقان أرض العراق و إن نهر دجلة بالذات يمر على بعد 10 كيلومترات من القرية دون أن يشعر أهل القرية بأن لهم حصة فيه يستطيعون كسر عطشهم بها ، فأهل القرية محرومين مع بقية أبناء ديانتهم من كل شيْ آخر في بلاد الرافدين عدا الحرمان فهم في هذه البلاد الجميلة شركاء في الحرمان فقط .
فبعد أن ازداد عدد سكان القرية وكثر عدد بيوتها منذ ذلك الزمن البعيد والغير معروف بالنسبة لي في تاريخ محدد والذي أشرت إليه في البداية ولأسباب غير معروفة قام بعض وجهاء القرية بردم تلك العين العذبة التي كانت تروي سكان القرية الأمر الذي حرم الختاريون من أهم شريان في حياتهم و إلى فترة ما قبل عدة سنوات بقي القليل من الناس يصدقون بأنه كانت هنالك عين ماء تروي عطش أهل القرية حتى انهارت الأرض في أحد أزقة القرية القديمة بالقرب من ذلك النبع وعندها تجمع أهل القرية فوجدوا ساقية مستقيمة شقتها المياه الجارية من ذلك النبع ولكن المياه نفسها كانت مختفية إلى الأبد ، ومنذ ذلك اليوم أي عندما ردم النبع ولحد يومنا هذا وأهل القرية لم يحصلوا على ما يكفيهم من مياه للشرب أو الغسل ، على الرغم من إنجاز أهل القرية لحفر بئرين في ناحية الشمال الغربي من القرية و على الطريق المؤدية إلى قرية بدرية المسيحية والتي اغتصبتها فيما بعد العشائر العربية و شرد أهلها إلى مناطق أخرى من العراق، وسمي هذان البئران باسم خلف (بيرا خه له في - بيريت خه له في) ربما نسبة إلى ذلك الرجل الذي قام بحفر البئرين لأول مرة أو إلى من كان يملكهما وأحد البئرين يقع في بطن الوادي وعمقه يبلغ 35 - 40 مترا وكان يستخدم هذا البئر للغسل وما إلى ذلك وأما البئر الثاني فيقع على حافة الوادي ليس بعيدا عن البئر الأول وبنفس العمق وأستخدم هذا البئر للشرب فقط بسبب عذوبة ماءه و كان يستخرج الماء من هذان البئران بواسطة حبال مصنوعة من البردي تسمى( رشى ) يقمن بصناعتها نساء القرية ولا شك إن صناعتها كانت تتطلب مهارة محددة يفتقرن إليها نساء القرية في الوقت الحاضر، وإن الحصول على الماء من البئر العذب كانت ترافقه مصاعب ومخاطر جمة منها الهجمات الكثيرة التي كانت تتعرض لها القرية من العشائر العربية التي كانت وما زالت تغتصب بعض القرى المحيطة لقرية حتارة وهي تعود للايزيدية والأخوة المسيحيين الأمر الذي كان يؤدي إلى قطع الطريق على أهل القرية للتزود والاستفادة من ماء هذين البئرين، ولابد من الإشارة كذلك إن هذا البئر العذب أودى بحياة نساء كثيرات كن يقعن في البئر أما خوفا من الليالي التي كن يذهبن فيها لجلب الماء وأما بسبب الإرهاق والتعب والنعاس . وإحداهن أي لأخيرة ماتت في البئر في بداية السبعينات من القرن الماضي وكانت عائلتها على علاقة وطيدة بعائلتنا ولازلت أتذكرها فقد كانت إمرأة طيبة وكريمة وكان اسمها سيفى وهي زوجة حجي ميرزا ووالدة كل من جلال وحسن وفرمان وخجى وهم الآن يعيشون في قرية دوغات إلى الشرق من حتارة ؛ واثر موتها قام أهل القرية بربط شبكة من الحديد على فوهة البئر ، كل فتحة فيها تصغر على جسم إنسان وبهذا كانت الشبكة تحمي مستخدمي البئر من الإنزلاق إليه و الموت فيه، وقبلها بعدة سنوات ماتت إمرأة أخرى بنفس الطريقة حيث انزلقت إلى بطن البئر وكانت تسمى فاتى وهي زوجة المغني الشعبي المعروف المرحوم شيخ ناصر، وعرفت من محدثي إن هناك إمرأتان آخريتان ماتتا بنفس الطريقة في هذا البئر و لكنه لم يكن يتذكر أسماءهن ، وقال جرى إنقاذ حياة الكثير من النساء وكذلك الرجال بعد وقوعهم في البئر . ولازلت أتذكر حادثة وقعت لأحدى أخواتي التي كانت تسحب الدلو من البئر إلى فوق بواسطة هذا الحبل المذكور ( رشى ) فشعرت بالدوران وسقطت على فوهة البئر ولكن شبكة الحديد المستحدثة على الفوهة أنقذت حياتها .
ولما كانت القرية تكبر ويزداد عدد سكانها فالحاجة كانت أيضا تكبر وتزداد للحصول على مصادر أخرى للمياه فوقع الاختيار في هذه المرة وفي فترة من الفترات على منطقة تقع على الطريق المؤدي الى قرية ديرستون في الاتجاه الغربي من حتارة والتي يحتلها العرب وأعني قرية ديرستون (تربه سبي ) لحد هذا اليوم ، وإن تلك المنطقة تسمى وادي الآبار (نه والا بيرا) وحفر في هذا الوادي الكثير من الآبار من قبل أهل القرية وعوائلها وهنالك آبار حفرت منذ وقت طويل وأخرى منذ وقت ليس بطويل نسبيا وإن أعمق بئر في هذا الوادي لا يصل قاعه إلى عشرون متر ، وإن كل بئر يسمى باسم مالكه أو عائلته مثلا بئر ( بيرا كاكلي ) وبئر ( بيرا خليلى عبوي) وما الى ذلك من الأسماء والغريب في هذا الوادي إن العديد من آباره والتي يتجاوز عددها العشرون تحتوي على مياه عذبة صالحة للشرب وأخرى غير صالحة للشرب لذلك فإنها أستخدمت لأغراض غير الشرب مثل البناء و سقي الماشية وغير ذلك ولهذا السبب كان هذا الوادي يتحول في فترات الصيف والربيع إلى مكان تعج فيه الحركة والنشاط والحيوية لأهل القرية فكن نساء وفتيات القرية يذهبن برفقة الشباب والأطفال إلى هذا الوادي للحلب وجلب الماء وكان رعاة الأغنام والأبقار ينتظرون وصول طعامهم لتناوله في فترة استراحتهم ، وكنت تشاهد هذا المنظر وكأنك في عرس حقيقي . حقا فكثيرا ما كانت تنشأ الصداقات في هذا الوادي بين فتية وفتيات القرية كانت تؤدي في نهايتها إلى الزواج السعيد وبناء عائلات . ولكنه بالرغم من كل ذلك فإن أهل القرية كانوا دائما بحاجة إلى المزيد من مصادر المياه لأن هذه الآبار ومعها الحبال المصنوعة من البردي وكذلك واسطة النقل الوحيدة ألا وهي الحمير وازدياد عدد الآبار في أطراف أخرى من القرية لم تكن قادرة بالرغم من عطائها المستمر على تلبية الحاجة المتزايدة بسبب توسع القرية وازدياد عدد سكانها الذي يصل اليوم إلى ما يقارب ألـ 12- 13 ألف نسمة .
فعل أهل القرية الكثير من أجل معالجة مشكلة المياه ، ولكن كل أنشطتهم من تصليح الآبار وتنظيفها وحفر خزانات طبيعية في الأرض لخزن مياه الأمطار داخل القرية وخارجها كانت عاجزة لسد حاجة القرية . مما اضطرهم لمراجعة الجهات المسئولة في الدولة في فترة الستينات لمعالجة هذه المشكلة التي تعانيها القرية ، فجاءت هذه المرة وفي نهاية عقد الستينات المعالجة جزئية أيضا عندما قامت شركة أجنبية بحفر بئر ارتوازي في داخل القرية أصبح فيما بعد يديره المرحوم ألياس خدر حيث تزود أهل القرية من مياهه إلى جانب المصادر الأخرى إلى فترة نهاية السبعينات عندما جرى ربط قرى المنطقة من ضمنها قرية حتارة بشبكة مياه قضاء تلكيف بواسطة خزانات كبيرة تدفع الماء إلى أزقتها عبر شبكة أنابيب غير منتظمة وثم إيصالها إلى بيوتات هذه القرى على حساب نفقات أهلها بواسطة أنابيب بلاستيكية أو خراطيم اعتيادية و التي كانت تتعرض إلى التلف بصورة مستمرة فبالإضافة إلى عدم آهلية هذه الشبكة الداخلية وعدم قدرتها على المقاومة فإن مديرية المياه في تلكيف كانت تبتز أهالي القرية وتؤخر تزويد خزان القرية بالماء الكافي و أحيانا تصل المدة إلى شهر كامل وذلك للضغط عليهم والحصول على مبالغ مالية يجمعها أهل القرية مقابل معالجة وقتية . فعند بداية هذا الحدث أي ربط القرية بشبكة مياه تلكيف قل الاعتماد على الآبار التي جرى الحديث عنها أعلاه ، الأمر الذي أدى إلى إتلاف قسم منها وعدم صلاحيتها وفي الوقت نفسه تعطل البئر الارتوازي مما أدى إلى تفاقم مشكلة مياه قرية حتارة مرة أخرى ؛ وتحرك أهل القرية للمطالبة بمعالجة الأمر ولكن هذه المرة أيضا لم تثمر جهودهم إلا منقوصة فجرى حفر بئر ارتوازي آخر في داخل القرية ، ففي ظل الموقف السلبي لمديرية مياه تلكيف وامتناعها تزويد القرية بالمياه ولو لسد القليل من حاجة القرية إليها وكذلك الموقف المشابه لمدير توزيع المياه في القرية الذي كان يزود محلة على حساب محلة أو ابتزاز الأهالي بانتظار الحصول على الرشاوي كل ذلك أرجع القرية إلى زمن العطش الرهيب والمستمر أبدا . حتى أصبحت حتارة رمزا للعطش ومثلا يذكر عندما تكون في قرية أخرى وتطلب ماءا بالقول ، هلا أعطيتني ماءا ..؟ فيرد عليك ، هل حسبت نفسك في حتارة.!
ومن هنا فإنني أناشد الحكومة العراقية الجديدة وحكومة أقليم كوردستان بشكل خاص و بإدارتيها في السليمانية وأربيل إلى الإلتفاتة إلى هذه المحنة الإنسانية بكل حرص و مسؤؤلية وإنقاذ أهل قرية من عطشهم الرهيب والذي لازمهم منذ زمن بعيد . فإلى جانب كون هذه المهمة هي واجب وطني باعتبار أهل حتارة مواطنين في هذه البلاد الجميلة و شارك خيرة شبابهم في الكفاح من أجل هذا الوطن ومن أجل قضيتهم الكوردية و قدموا في هذا الطريق تضحيات غالية وعزيزة تستحق التكريم بكسر عطشهم الأبدي ، في الوقت عينه تعتبر مهمة إنسانية تقع على عاتق من يتحمل مسؤؤليته بإيمان إزاء مواطنيه فلذلك فإن من يسقي ويشبع أهل حتارة مياها عذبة ويعمل من أجل إخضرار ولو بقعة صغيرة من الأرض في القرية يدخل إلى الجنة بدعائهم.
ولأجل ذلك أقترح ما يلي 1- أن يصار إلى تدفق المياه بصورة منتظمة عبر الانبوب الذي يرتبط بمديرية مياه تلكيف2- أن يجري ربط شبكة توزيع جديدة داخل القرية على أسس هندسية حديثة تصل إلى داخل كل بيت في القرية وتسهل إسالة الماء عبر كل أنابيب الشبكة 3- ربط القرية بسد الموصل عبر استحداث خط أنابيب بين القرية والسد لإيصال المياه المعالجة والمحلية 4- حفر آبار ارتوازية بما يكفي لسد حاجة القرية في الشرب و إرواء ثروة القرية الحيوانية وبما يمكن أهل القرية من استحداث حدائق منزلية أسوة ببقية الناس التي تنعم بخضرة حدائقها

ليست هناك تعليقات: