الأحد، 27 أبريل 2008

شكرا للأخ كمال حراقي


شكرا للأخ الفنان كمال حراقي
ناظم ختاري
حقا فأول ما تترائ للعين وتأخذ حيزا جميلا من الوقت عندما يتصفح المرء بحزانى نت فهي الوحات الجميلة التي تزين صدارة الموقع، للفنانين الشباب الذين يرفدونه بأجمل إبداعاتهم ورسوماتهم الفنية وكثيرا ما تصبح هذه اللوحات واجهة حاسوبي ، وهي تبهرني كثيرا في الواقع، وهنا لا أدعي أنني أعرف ولو قليلا عن الفنون بل في أغلب الأحيان أجهل ما تتحدث عنها هذه اللوحة أو تلك أوهذا العمل الفني أو ذلك ولذا تجدني أستغرب كثيرا عندما أقرأ أوأشاهد من على شاشة التلفار عن مزاد أوصل لوحة لبول سيزار أو فان كوخ أو دافنشي أو بيكاسو إلى عشرات الملايين من الدولارات.ولكنني أعترف إن ما ترصفها أصابع شبابنا وما تزينها ريشاتهم من لوحات فنية تشد من التصاقي بالحياة البسيطة والمتواضعة التي يعيشها أبناء مناطقنا في كل جوانبها وفي كل تناقضاتها، فأدخل إلى جانب الفنان الجميل والموهوب الأخ كمال حراقي كل معاركه وصراعاته المتمدنة من أجل حياة كريمة ومستقبل تتحقق فيه أمنية آباءنا وأجدادنا الذين كافحوا في معارك حقيقية ولكنها غير متكافئة كانوا يدفعون ثمنها غاليا في كل جبهاتهم. وأشدها قسوة كانت تلك التي يفرضها أولياء أمورنا في الدين والدنيا ،وتلك القادمة من محيط التماس معنا ومن عمق هذا المحيط الذي اعتمد فلسفة الشر واستخدام العنف حتى الإبادة ، والذي قصد من وراءها إزالة وجود بشر ينتمي إليهم هذا الفنان الذي أكتب إليه رسالتي المتواضعة هذه، ليس لشئ إلا لانهم ايزيديون ، فمن خلال فحص متمعن للوحات الأخ كمال حراقي أجده يحاول جاهدا من أجل إزالة ذلك الإرهاق الذي لازم أبنا ء هذه الديانة، منذ حملات الإبادة المعروفة التي تعرضوا لها والتي بلغت إثنتان وسبعين حملة و قد جسدها في لوحة رائعة تتكلم كل فضائعها ومآسي شبابنا وشيوحنا ونساءنا وأطفالنا.علاوة على ارتكاب آلاف الجرائم الفردية التي أزهقت أرواحهم دون وازع ضمير، إلى جانب ما أفرزته هذه الأحقاد و هذه الكراهية من أعراف إجتماعية ودينية تقشعر لها الأبدان وجعلت من حياة الفرد الإيزيدي جحيما لايطاق وحبيس محيط ضيق ومحاصر . والجدير بالقول فإن هذه الأعراف لازالت مستمرة وتمارس على مستويات واسعة وأكثرها كرها تلك التي مارسها حاجم الحسني الذي تمادى في توجيه الإهانة للإيزيدية عندما رفض ذكرهم في كل الأحوال ، لاشك إن عملية مساواتنا بالآخرين وممارسة مواطنتنا و طقوسنا الدينية والإجتماعية بحرية تامة لن تتم على يد هؤلاء الذين يتربعون على كراسي ما بعد صدام، ومن هنا أجد من الضروري العمل ، أولا . من أجل حماية دستورية لحقوقنا وحقوق الأقليات الأخرى وثانيا. تكريس النظام الديمقراطي العلماني من خلال قيام مؤسسات دستورية أيضا تسد الطريق على الدولة الدينية وعلى أية محاولة لتكريس الدكتاتورية من أي نوع كانت في عراق اليوم، وثالثا . تحقيق التطور الإقتصادي الذي من شأنه إجراء تحولات إجتماعية عميقة في المجتمع العراقي الذي يعيش أسير التخلف الديني والذي يشكل أكبر تهديد لنا وللأقليات الدينية الأخرى . نعم أجد إن لوحات الفنان تسجل تاريخا لم يكن مكتوبا في السابق ولم يتجرأ كتابته أحد بهذه الموضوعية والدقة والأمانة ، فقد دخل في كل زاوية من زواياه المظلمة لينيرها بفنه الجميل ، وأخذ من كل زاوية من هذه الزوايا حقائق توزعت على أيام تاريخنا الطويل والقاسي بكل أناقة ورهافة حس. ربط التاريخ وأعني به تاريخنا بذلك الأنين المتواصل من دوران مجرشته التي وضعها بين يدي تلك الفتاة الجميلة لكي تضيف عليه مسحة من الأمل وتجعله أقل قساوة علينا نحن ، بالرغم من شدة هذه القساوة التي لاتقارن أبدا ، نعم نحن الذين نتلقف فنه بمشاعر تختلط فيها الأحزان بالأمل وهويسرد لنا قصص قتلنا وكفاحنا من أجل البقاء عبر حركات يد تلك الفتاة التي تدفع دوران مجرشته وتجعله مستمرا في لوحته الرائعة ( ديمومة الحياة) العالية الحس ، نعم فتاة من إحدى القرى التي نعيشها ربما تكون قريتي التي ولدت فيها والتي لم تعد على خارطتنا ، لأنها سُرقت منا عربيا ، فقد كانت ديرستون (تربه سبي) قريتنا ، ولكن كما كان للثورة الجبلية المسلحة ، وخنجرها وبندقيتها البرنو الكثير من الضحايا وفي كل مكان ، سواءا كانت أرضا أم بشرا أم ثروة ، فقد كانت ديرستون بينها والتي لاتخضع الآن إلى قرارات التطبيع ، لكي تلملم من حنين الديرستونيين وتعيدهم إلى حضنها و لكي ينفضوا من على انفسهم ذلك التعب المتراكم في سنوات غربتهم ويكنسوا القرية من الحقد والكراهية التي ألمت بها . نعم ربما كانت تلك الفتاة من حتارة أو من بيبان أو من احدى قرى باسكي أو من أي قرية تشاؤون فالمهم ليس هذا، إنما دوران وعطاء و أنين مجرشتها المتواصل التي تعبر بدقة عن تمسك الإنسان الإيزيدي بالحياة بعيدا عن القتل والدمار والقهر والحرمان ، و الجمالية الفنية المتفوقة التي استطاع من خلالها الأخ الفنان كمال صياغة و ربط كل خيوط تاريخنا و محاولة صنع مستقبل مليئ بالسكون والطمأنينة لأجيالنا القادمة ليأتي ذلك الملاجبري الذي يحمل معوله على كتفه و يحسب خطاه ويدقق فيما إذا كان قادرا أن يقلع وينحت أحجارا من جبل يقابل قريته الضعيفة التي دمرها الطغاة وشرد أهلها ، لترميم كل زاوية من زوايا حياتنا المهشمة عبرالقرون العديدة المظلمة والملطخة بدمنا ، هذه الدماء التي ينبغي أن تعيد إلى ذاكرة التاريخ صوابه وننصف فيه بالعدل الإجتماعي والمساواة في هذا الزمن المكتشف للتو على أرض بلاد الرافدين ، والذي كانت تتكدس و تتراكم عليه اكوام من أتربة النسيان الأبدي . ولما كان الفنان كمال حراقي أول من اعلن عن معركته في لالش الذي كان يتعرض لنهب فظيع كنت أحسبه مقاتلا جريئا ، فريشته لم تكن تقل شجاعة عن البندقية التي كنت أحملها مع بقية رفاقي الأنصار أبو خدر وأبو سربست وأبو زكي وصباح و كريم كطافة و سالار وسلام وكامل الركابي والشهيد عادل والمئات من مناضلي الحرية الشجعان ،أنصار الحزب الشيوعي العراقي ، فكانت ريشته تحكي لنا أبناء هذا الجيل، قصة مؤامرات المزاد العلني لمراقد أولياءنا وأجدادنا في وادي لالش وفي وضح النهار دون أن يكون لقدسيتها أهمية ولو جزئية ، فكانت أهمية الربح المادي ومقدار النقود التي تزيد من الحساب تفوقها كثيرا ، وبقاء لالش من أقدس مقدسات الإيزيدية مهملا ومعرضا للخراب المستمر لم يكن في البال أبدا ، فلوحات الفنان المتعددة بهذا الخصوص ترسم لنا على قدر كبير من الوعي مدى خطورة هذا الأمر على مستقبل ابناء هذه الديانة الذين قاتلوا من أجل البقاء محافظين على موروثهم الإجتماعي ومعالمهم الدينية .فالظواري التي كنا نواجهها في كفاحنا الأنصاري أيها الرسام المبدع، والتي صورتها في تلك اللوحة التي أهديتها لنا والتي نشرتها بحزانى نت، كنت تواجهها أيضا إلى جانبنا بألوانك الجميلة وريشتك الشجاعة ، ويقينا إن تلك الأيام استطاعت أن تفعل الكثير ، وتحقق بفضل عدالة قضيتنا أجمل أمنية لكل العراقيين ، ألا وهي سقوط النظام الدكتاتوري الذي ارتكب الفضائع بحق أبناء العراق بمختلف إنتماءاتهم . لا شك أيها الفنان الجميل كنت الوحيد و أول من ينصف الأنصار ويعوض أيامهم القاسية بأجمل هدية تلقفوها منك بفرح عارم تخللته دموع انهمرت من على خدودهم وهي اللوحة التي قدمتها هدية إلى أيام كفاحهم المليئة حبا للشعب والوطن وحريتهما فشكرا جزيلا لك أيها الأخ الفنان. أخوك ناظم من الأنصار القدامى.- (ديرستون ( تربه سبي) قرية ايزيدية تحتلها العشائر العربية منذ سنة 1961وهي مسقط رأسي. وتقع على الطريق الدولي الواصل بين دهوك والموصل. وعلى نهر دجلة من الجهة الشرقية. وإداريا تابعة لناحية ألقوش.- الملاجيري ، نسبة إلى قرية ملاجبرا وهي قرية الرسام كمال حراقي

ليست هناك تعليقات: