الاثنين، 28 أبريل 2008


الممنوع الجديد في العراق الجديد ..!!
ناظم ختاري
قبل عدة أيام كنت ضمن فعالية عراقية ما في أحدى مدن ألمانيا ، وقبل التئام الفعالية كنا مجموعة من الأصدقاء نتحدث عن الوضع في العراق وكان كل واحد منا يطرح وجهة نظره بخصوص تداعيات الوضع الأمني وخطورته على مستقبل العراق وبشكل عام كانت جميع الآراء تشير إلى أنه لا يمكن أن تتواصل العملية الديمقراطية في ظل تقسيم كل شئ على الأساس الطائفي وبعد هذا ربما كنا نختلف ، أي بشأن ما ينبغي عمله للحد من هذه المحاصصة الطائفية والوقوف بوجه انزلاق العراق إلى الهاوية رغم إننا لم ندخل في مناقشات طويلة وأدت بنا إلى الاختلاف فكل ما كان في الأمر هو تبادل أطراف الحديث والتعبير عن وجهات نظر لم يكن الغرض منها سوى الإعلان عن ازدراءنا واشمئزازنا لما يجري في بلادنا على يد قوى الإسلام السياسي المتخلفة والتي ترتكب أفضع الجرائم بحق العراق وشعبه المسكين الذي يقف موقفا سلبيا إزاء ما يحصل له .
وكنت قبل فترة قصيرة وضمن مقالة نشرتها في عدة مواقع الكترونية طارحا فكرة ضرورة تشكيل حكومة إنقاذ وطني تخلص البلاد من مخالب هذه القوى المتخلفة والدموية والتي تشكل أكبر خطر على مستقبل العراق والمنطقة كلها لأنها تؤسس لدويلات ممزقة وضعيفة ، قائمة على شريعة الغاب لا حقوق فيها غير العبودية وتابعة لأكثر الأنظمة دكتاتورية وتخلفا والواقعة في محيط عراقنا الجريح .. قال لي حينها عدد من الأصدقاء أن معالجة الوضع وفق هذا التوجه يعني إلغاء الدستور والمؤسسات الديمقراطية القائمة في العراق وبالتالي إلغاء التوجه الديمقراطي للبلد بالكامل.. !
وهذا الطرح دعاني لصياغة عدة أسئلة أطرحها على سبيل المقارنة بين شكل النظام القائم في العراق في ظل الظروف الحالية والتوجه الحقيقي لبناء دولة القانون والمؤسسات وبالتالي بناء دولة ديمقراطية حديثة .
- متى كان التنافس بين الأحزاب التي تحكم الآن ، ديمقراطيا ..؟ فمنذ بداية دخولها الأرض العراقية قادمة من خارج الحدود باشرت باستخدام السلاح من أجل الحصول على مواطئ قدم لها وثم توسيع نفوذها والسيطرة على الساحة السياسية بواسطة تجنيد المزيد من الميليشيات والإيعاز لها بممارسة العنف واستغلالها انتماءها الديني وتأييد المراجع الدينية الشيعية لها والفتاوى التي أصدروها في التأثير على الناس فضلا عن شراء الذمم من خلال استغلال أوضاع الجماهير الحياتية المزرية وفقرهم المدقع لكسبها إلى جانبها.
- متى تمسكت هذه الأحزاب بوحدة العراق بصدق وطرحت برنامجا يهدف لتعزيز وتوطيد هذه الوحدة ..؟ فكلها طرحت برامجها وهي مشبعة بأهداف طائفية وعرقية تستهدف لتمزيق العراق وتحويله إلى دويلات طائفية تابعة . تمعنوا في أي برنامج ولأية كتلة أو حزب من هذه الأحزاب ، فسأقطع يدي لو وجدتموه يعبر عن ذرة من الوطنية أو مصلحة العراق وشعبه ..!
- ألم تكن هذه الأحزاب التي تتحكم بالقرار السياسي العراقي هي التي كانت تقتل الآخرين ولازالت من مؤازري وأعضاء الأحزاب الوطنية والصغيرة ..؟
- ألم تكن هذه الأحزاب تخوض حملتها الانتخابية والحراب بيدها وهي تهدد بالقتل خلف صور المراجع الدينية الذين قادت تصوراتهم العراق إلى ما هو عليه الآن من حرب طائفية .
- أليست هذه الأحزاب هي التي حققت دكتاتوريات متعددة بعدما فقدت دكتاتورية صدام الحكم ، فكم متشددا أكثر من صدام يحكم العراق الآن .؟ وكم أولادا لهؤلاء القادة أكثر تعطشا للدماء من أولاد صدام وأقل منهم شرفا وأكثر منهم جرما وأقل منهم كرما وأكثر منهم مالا مسروقا ..؟
- أليست هذه الأحزاب أو المجاميع هي المتسلطة على رقاب العراقيين تحت هذا الاسم أو ذاك وهم الذين يصدرون قرارات حربهم الطائفية.. ويعقدون صفقاتهم لتمليك هذا الجزء أو ذاك من العراق ..؟
- أليست هذه الأحزاب هي التي تسلب حرية المرأة وتجبرها على التحجب ..؟ أليست هي التي تقتل النساء بهذه الحجة أو تلك . ؟ أليست هي التي تتاجر بها وتصدرها الخليج على اعتبارها سلعة رائجة ضمن صفقات تجارة الرقيق في ظل الظروف الحالية ...؟!
- أليست عصاباتها هي التي تبيع أطفال العراق كما تباع أية بضاعة أخرى ..؟
- أليست هي التي تعمل على انتشار زراعة المخدرات والاتجار بها وتعرض حياة الآلاف من الشبيبة إلى الضياع..؟
- أليست هي التي تقتل أبناء الديانات المسيحية والمندائية والأيزيدية ..؟
- أليست هي التي تقتل الأطباء والعلماء أو تجبرهم على ترك العراق .. ؟
- أليست هي التي تقتل الحلاقين وتمنع موضات القص الشبابية والملقط والخيط ..؟
- أليست هي التي تمنع الموسيقى وتدمر محلاتها وتقتل العاملين في مجالها ..؟
- أليست هي التي تمنع السفرات الطلابية والشبابية وأفراحهم ..؟
- أليست هي التي حولت الجامعات العراقية إلى جوامع وحسينيات ، وتجوبها ميليشياتهم وتفتح في حرمها مقراتها لإرهاب الطالبات والطلبة ..؟
- أليست هي التي تحارب الرياضيين والرياضة وتقتل رموزها ..؟
- أليست هي التي تسرق نفط العراقيين نهارا جهارا وتبيعه في السوق السوداء ..؟
- أليست هي التي ملأت وزارات الدولة بالجهلة واللصوص والعصابات ..؟
- أليست كلها عصابات تبحث عن كل عراقي لسلب إرادته وحريته وقناعته وشرفه وماله وعرضه ..؟
يمكن لكل واحد منا إضافة المزيد مما تفعله هذه العصابات ، حيث إنها تمارس كل ما لا يخطر ببال أحد من أفعال مشينة ، يندى لها جبين الإنسانية .. جرائمهم أصبحت تفوق الخيال .. لم يعد المرء يستطيع تفسير كل هذه القدرة التدميرية الكامنة في أفراد هذه العصابات الأحزاب.. !
قال أحد الأصدقاء ..اسمعوا قبل أن ندخل إلى القاعة ، هل تعرفون ما هو الممنوع الجديد في عراقنا الجديد .؟ قلنا كل الجرائم التي ترتكب تعتبر من النوع الجديد لا يمتاز به أحد إلا أحزابنا الطائفية . قال ولكن لازال هناك ما هو جديد ولم تسمعوه ، فقلنا له هات ما لديك .. قال ، أتصل بي أحد أصدقائي من بغداد وأكد إن بيع الخيار والطاطم معا يعد ممنوعا ومن الجرائم التي تعرض حياة البائع والشاري معا للخطر وخصوص إذا تجرأ البائع وضع إحدى المادتين جنب الثانية على طاولة البيع ، أو إذا تجرأ الشاري خلط المادتين ووضعها في كيس نايلون واحد ..والذهاب بها إلى البيت ..! فالويل والثبور لهما لو وقعت عينا احد أفراد الميليشيا أوعينا احد الملثمين عليهما .. !
وهكذا تدفع الأحزاب الطائفية بالعملية السياسية إلى الأمام .. وتدافع عن دولة القانون والدستور وعن العراق الديمقراطي الفيدرالي ....!!!! وأخيرا هل كل هذا لا يكفي حتى يجري التفكير بتنحية هذه الأحزاب مع عصاباتها عن السلطة وتشكيل حكومة إنقاذ وطني توقف القتل المجاني والتدمير وكافة الممارسات الإجرامية ، حتى وإن استخدمت كل وسائل القوة من أجل ذلك ...؟!!

ليست هناك تعليقات: