الاثنين، 28 أبريل 2008



المجتمع الأيزيدي يتعرض إلى مخطط خطير ..
ماهي مسؤولية الحكومة الكوردستانية ..؟؟
ناظم ختاري
أحداث مدينة شيخان الأخيرة فاقمت من أزمة المجتمع الأيزيدي وكانت بالنسبة له بمثابة إنذار شديد وجهته له قوى متطرفة مستغلة توجهات وسياسات الحكومة الكوردستانية في إهمالها وتهميشها الدائمان لأبناء هذا المجتمع ، الذي يقف اليوم على شفى الإنهيار التام ، بعدما حزم أمره بترك وطنه وأرض أباءه وأجداده ، وإستلام ما يقارب الألف من طلبة الجامعة تهديدات بترك دراستهم في جامعة الموصل وإلا سيكون مصيرهم الموت ، فإن الأخبار الواردة من الوطن تثير الكثير من القلق بخصوص هذه المسألة ، فقد بدأت مجاميع كبيرة من الشبيبة والعوائل بالنزوح الجماعي إلى دول الجوار ولاسيما سوريا وإختراق حدود الدول الأخرى كتركيا للوصول منها إلى أوروبا وبقية دول اللجوء . وقدم العديد من هؤلاء الطلبة طلباتهم لمواصلة الدراسة في جامعات الأقليم دون أن يتلقوا ردا إيجابيا بصدد قبولهم .
فإذا كانت الطغمة الدكتاتورية البائدة في السابق هي التي كانت السبب المباشر لهجرة مئات الآلاف من العراقيين ومن بينهم الآلاف من أبناء المجتمع الأيزيدي إلى شتى بقاع العالم ، فإن هذه الهجرة بالنسبة إلى أبناء المجتمع الأيزيدي لم تخف بعد إنسحاب الإدارة المركزية من مدن كورستان اثر إنتفاضة آذار المجيدة وذلك لأسباب معروفة وفي مقدمتها إهمالهم في الجوانب المختلفة مثل تهميشهم في الجانب السياسي وإهمال مناطقهم في مجال تقديم الخدمات والتنمية والإعمار وتحول المجتمع الكوردستاني من مجتمع مدني علماني إلى مجتمع غارق في التطرف الديني وظهور قوى إسلامية سياسية بقوة ، وتحول أحزابه العلمانية من أحزاب مقاومة لهذا النهج الخطير إلى أحزاب مساومة للقوى السياسية ( الإسلامية ) الجديدة راعية بذلك مصالح دول الأقليم كالخليج مثلا وهي تعزز أدوارها في كوردستان والعراق بشكل عام وتسعى بكل ما لديها من اجل تمزيق وحدة ونسيج المجتمع الكوردستاني والعراقي .
فاستمر خلال هذه الفترة نزوح المئات بل الآلاف من أبناء هذا المجتمع المسالم إلى دول المهجر، والذين أصبحوا ولحسن الحظ سندا قويا لإخوتهم في الوطن ولما يعانونه من محن إزاء الأوضاع الخطيرة في البلاد ، وخصوصا بعد الأحداث المثيرة والمخيفة التي أندلعت في الخامس عشر من شهر شباط الماضي والتي تزامنت مع فضيحة صابرين المفبركة من قبل قوى الإسلام السياسي العراقية المساهمة في التقسيم الطائفي للسلطة في البلاد والتي تتاجر بعرضها وشرفها من أجل السلطة ، كي تقتل وتسلب وتنهب أكثر . وإن تلفيق تهمة هروب إمرأة مسلمة مع أيزيديين في شيخان ليس إلا متاجرة بنفس ذلك الشرف المعدوم لدى القوى المتطرفة دينيا في الجانب الإسلامي والمتغلغل بقوة في كل المؤسسة السلطوية في كوردستان .
فقد كانت لهذه الأحداث ردودها السلبية السريعة عند أبناء المجتمع الأيزيدي ، لا تلتفت إليها الحكومة الكوردستانية بنفس سرعة تطور تبعاتها أو تتغاضى عنها أصلا وكأن الأمر لا يعنيها مادام إنه يتعلق بأبناء المجتمع الأيزيدي .
ففي غضون الأيام التي تلت أحداث مدينة شيخان أصبح الشغل الشاغل لكل فرد أيزيدي هوالتفكير بكيفية الفرار من كوردستان ، تلك الأرض التي دافع عنها ومات من أجلها عندما تصدى لجبروت وغزوة الأمير الرواندوزي الأعور الذي كان ينتمي إلى نفس هذه السلالة القذرة من التطرف ، ومن أجل هذه الأرض الطيبة مات العديد شهداءا من أبناء هذه الديانة وكانت أصابعهم لم تزل ضاغطة على زناد بنادق البرنو ووراء صخور من هذا الجبل أو ذاك من كوردستان كانوا بيشمه ركه مخلصين في صفوف حركة التحرر الكوردية أمثال حسين بابا شيخ ومحمود أيزيدي وجوقي سعدون وعلى خليل وآخرين كثيرين .
إن الذي يحصل أيها الأيزيديون جريمة تفوق خطورتها الفرمانات المتكررة التي حلت بآباءنا وأجدادنا ، فمكاتب التسجيل المتواجدة في المدن السورية تقدم وعودا إلى هذه الموجات البشرية بفرصة اللجوء إلى أمريكا مقابل تنازل كل فرد عن ممتلكاته وحقوقه وجنسيته العراقية ، ويحدث هذا مباشرة بعد أحداث مدينة شيخان عندما وجد الأيزيديون عدم جدية السلطات في إتخاذ الإجراءات الضرورية لإزالة أسباب تلك الجريمة البشعة التي استهدفت أبناء المدينة ، وإن مواصلة هذا المخطط تعد جريمة تخالف كل القوانين والأعراف الدولية عندما يجري إقتلاع جماعي لمجموعات بشرية من أرضها ، وبموازاة ذلك فإن حملات همج الإرهاب بلغت ذروتها مهددة طلبة العلم في جامعة الموصل بترك مقاعدهم الدراسية حيث تلقى العديد منهم بشكل شخصي مثل هذه التهديدات علاوة على تلقيهم لهذه التهديدات بشكل جماعي ، أعتقد إن هاتين القضيتين لاتنفصلان عن مخطط إستهداف مدينة شيخان ولا كذلك جاءت بمعزل عن ما يحصل من تهديدات إرهابية في مناطق الأيزيدية بقضاء سنجار وفرض ما أشبه بحصار عليها . فأعتقد إن كل ذلك حلقات في مسلسل يستهدف الوجود الأيزيدي على أرضهم .
أزاء كل ذلك على الحكومتين الكوردستانية والعراقية أن تتحركا من أجل إيقاف هذا المخطط المخيف والرهيب وتكشف بوضوح الأطراف التي تساهم فيه ، ولاشك إن هناك أطرافا تنتمي إليهما أي إلى الحكومتين تعمل بغطاء حكومي لتنفيذ هذا المخطط .
ولا يمكن أن يتصور المرء إن الحكومة الكوردستانية جدية في توجهاتها لمواجهة هذه الأخطار التي تتهدد المجتمع الأيزيدي ما لم تقدم على معالجة أسباب الخلل في التعامل مع أبناءه وإعتبارهم أصحاب هذه الأرض كباقي المواطنين وإزالة كل الشكوك التي تتعلق بصدقية إنتماءهم إلى كوردستان ، وعدم إعتبارهم فقط قوى بشرية تستغل مساحة من الأرض يجري إستخدامهم في الأزمات الدستورية ، كالتصويت السابق على الدستور العراقي ، وما يٌنتظر منهم في عملية الإستفتاء القادم وفق المادة 140 من الدستور العراقي ، أو استخدامهم في العمليات الإنتخابية دون تحقيق أية إنجازات لهم في مختلف المستويات .
وعلى أبناء الجالية الأيزيدية ومنظمات المجتمع المدني الأيزيدية في الخارج الوقوف إلى جانب محنة أخوتهم في الوطن كما برهنوا ذلك بنكران ذات بعد تنفيذ الحلقة الأولى من هذا المسلسل وهي جريمة شيخان إذ بلغت فعالياتهم في الدفاع عن شيخان وعن الوجود الأيزيدي مستوى جديدا وراقيا ، ولذلك فإنه يتطلب المواصلة دون توقف طالما هناك ما ينذر بالأسوأ ، وفضح هذا المخطط في المحافل الدولية ، وطلب تضامنها معهم ومساعدتها للمجتمع الأيزيدي الذي يتعرض إلى التشتت والتمزق .
فإن من شأن تنفيذ هذا المخطط أن يؤدي إلى إنقراض هذه الأقلية الدينية بعد توزيعها على دول اللجوء وإجبار أبناءها إلى الهجرة القسرية بعد فرض عقوبات إجتماعية – إقتصادية غير معلنة عليهم ناهيك عن تلك العقوبات التي تمارسها الحكومة الكوردستانية بحقهم ، كالإهمال والتهميش في الجوانب المختلفة . فتشير الأنباء الواردة من الوطن إن المقاطعة الأقتصدية- الإجتماعية (للكورد المسلمين) تتوسع في العديد من المدن الكوردستانية ، إذا لا يستقبلون منتوجاتهم والتعامل معهم ولايريدون بيعهم بضاعتهم ولا يريدونهم في مطاعمهم أو فنادقهم أو غير ذلك .


ليست هناك تعليقات: