الأحد، 27 أبريل 2008


من أجل إنقاذ المستقبل الديموقراطي للعراق
بقلم / ناظم ختاري
بواسطة سامان سليمانbahzani1@maktoob.com
ينبغي ان نؤكد بأن ما يحدث في العراق من قتل ودمار مريعين من خلال العمليات الإرهابية التي تنفذها قوى الحقد والكراهية لا تستهدف الاحتلال الذي يبررون به عملياتهم الشنيعة والتي يذهب ضحيتها العراقيون قبل الآخرين وتتدمر بنية بلدهم التحتية ويزدادون فقرا وحرمانا ، و إنما تستهدف مشروعهم الديموقراطي الذي يطمحون إليه ويواكبون من أجل تنفيذه على أنقاض أعتى دكتاتورية عرفتها التاريخ، بإعتبار ذلك حقهم الشرعي ومحطتهم التي لابد منها بعد سنوات طويلة من الدكتاتورية المقيتة ، هذا المشروع الذي يفترض تتويجه في نهاية الشهر الأول من السنة القادمة من خلال إجراء أول انتخابات ديموقراطية تجري في البلاد ، والذي تعترضه الكثير من العوامل المعيقة و التي تكمن في بناءه ، الى جانب هذه الحرب الإرهابية القذرة التي أصبحت تمول عربيا دوليا ولأهداف واضحة و التي تجعل من تنفيذ هكذا مشروع، قضية في غاية التعقيد وإمكانية تقويضه نهائيا ، الأمر الذي سيشكل كارثة مريعة بالنسبة الى الشعب العراقي الذي لايستطيع التخلص منها إلا بعد عقود من سنين ثقيلة تضاف الى كل تلك السنوات المليئة بالقتل والدمار والحرمان والأحزان والتي فرضها نظام القتلة والعنف والقمع على مر ما يقارب من أربعة عقود رهيبة، و هذا يعني إن هنالك مجموعتين من العوامل تتفاعل مع هذا المشروع احداها بشكل سلبي والثانية بشكل عدائي تهدف الى تقويضه ،سأحاول تسليط الضوء عليها من خلال هذه السطور .أولا- مجموعة العوامل التي تتفاعل مع المشروع بشكل سلبي ، وهي تتعدد على النحو التالي .أ- الأحزاب والتيارات والشخصيات السياسية واقسمها على المجاميع التالية . 1- التيار الديموقراطي والليبرالي وهو يتسع للعديد من التيارات والأحزاب والشخصيات السياسية، منها عريقة ومنها حديثة التكوين ، منها وطنية ومنها قومية . منها تلك التي تعمل من أجل عراق خارج المشروع الأمريكي دون وجود مشروع سياسي وطني شامل واضح الرؤية لديها تجتمع من حوله كل القوى التي لها مصلحة في إقامة نظام ديموقراطي علماني فيدرالي تدخل عبره في العملية الانتخابية لحسم مستقبل وشكل النظام السياسي وتشكيل حكومة قادرة على التصدي للإرهاب الذي يعصف بالبلاد ، ومنها تلك التي تعمل من أجل تنفيذ المشروع الأمريكي في العراق ، وهي تتكون على الأغلب من العناصر التي انحدرت من الأحزاب العراقية المتعددة وكذلك تلك التي انشقت من حزب البعث وأصبح بعض منها على رأس أحزاب قائمة على أنقاض هذا الحزب الىجانب شخصيات وأحزاب أخرى معزولة عن الجماهير العراقية العريضة وفي نفس الوقت مهزوزة ارتبكت كثيرا في أداءها السياسي كما هو الحال بالنسبة الى السيد أحمد الجلبي الذي أنتقل وبسرعة كبيرة من موقعه الليبرالي العلماني و بإعتباره الرجل الأول بالنسبة الى أمريكا الى موقع آخر مشوه تماما وغارق في الطائفية عندما تقوقع في ما يسمى بالبيت الشيعي والتقرب من مقتدى الصدر الذي أربك الحياة السياسية العراقية كثيرا بسبب سياساته الحمقاء، هذه الأحزاب والشخصيات فرضتها الظروف التي مر بها العراق في الفترات و الأيام الأخيرة من عهد الدكتاتورية البغيضة والأيام التي أعقبت سقوطها و التي أحدثت فراغا سياسيا كبيرا وبالتالي شوهت الحياة السياسية في البلاد الى حدود كبيرة. ولا شك إن الأدوار التي لعبتها هذه القوى قوضت من فعالية الوضع الذي نشأ بعد الأحتلال والذي تميز بالهوة الشاسعة القائمة بين القوى التي قفزت الى الصدارة نفسها وبينها وبين الجماهير وعدم وجود موقف موحد حازم أزاء القضايا الخطيرة التى واجهت البلاد أو تلك التي كان من المفترض أن تجد لها حلولا موضوعية يجمع عليها الجميع دون هوادة أو تهاون على حساب مستقبل العراق والعراقيين ، ولاشك إن من أهم تلك القضايا كان الموقف من حزب البعث والموقف من الجيش العراقي والموقف من دول الجوار العراقي وما الى ذلك من الأمور التي كان ينبغي الإجماع حولها دون ما حصل من تشويه في المواقف التي أضرت كثيرا بمستقبل العملية السياسية الجارية في البلاد ، وقدكان موقف السيد علاوي الذي يترأس اليوم الحكومة العراقية الانتقالية الحالية لايتصف بالصواب منذ البداية من قانون إجتثاث البعث وحل الجيش العراقي الذي لم يقف يوما الى جانب الشعب العراقي، بل كان أداة قمع ضد الشعب بيد الحكومات التي تعاقبت على السلطة بما فيها دكتاتورية صدام حسين ، ذلك الموقف الذي اعترض من خلاله على قانون الاجتثاث وحل الجيش ولا يشك أحد من أن هذا الموقف كان نابعا من مصلحة حزبية ضيقة عندما اعتمد حزبه بالدرجة الرئيسية في توسيع قاعدته من البعثيين ومن جنرالات جيشهم قبل غيرهم . هذه السياسة التي وجهت صفعة قوية لآمال الشعب العراقي في التخلص من حزب البعث الذي أصبح يتغلغل في كل مجالات الحياة السياسية العراقية وبكل قوة بسبب تلك السياسات اللامسئولة ، الأمر الذي يهدد المستقبل السياسي في العراق برمته وتوجيهه نحو نفس تلك الدكتاتورية التي حكمت العراق بقبضة من الحديد والنار .2- الأحزاب القومية الكوردية والتي لها كل المصلحة في إقامة نظام حكم ديموقراطي في العراق والذي يكون بمقدوره حماية المكتسبات التي تحققت للشعب الكوردي فيما بعد الإنتفاضة الربيعية في 1990 التي أقلعت السلطات المركزية من الأقليم بالإضافة الى تلك التي تحققت عبر نضاله وكفاح أحزابه من خلال ما ورد في وثيقة قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية والمشاركة الفاعلة في الحكومة الانتقالية الحالية ، وبالرغم من كل ما تحقق فإن الأحزاب الكوردية بحاجة الى المزيد لكي تعمله من أجل ضمان مستقبل الشعب الكوردستاني وكذلك مستقبل العراق الذي من دون إستقراره سيبقى هذا المستقبل معرضا الى تهديدات والىكوارث أخرى ، لذا فعليها ولكي تكون مساهمة بعزم وتصميم قويين في بناء عراق ديموقراطي عليها أن تقدم المثل في هذا الإتجاه ومن خلال بث الديموقراطية في كافة مجالات الحياة الكوردستانية وإجراء إنتخابات حرة ونزيهة في الأقليم وتوحيد الإدارتين اللتين تمارسان السلطة تحت إشراف الاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديموقراطي الكوردستاني، وضرورة إقامة مؤسسات ديموقراطية يجري الإحتكام عليها في ممارسة السلطات السياسية وفصل مستقبل الأفراد والجماعات عن الأحزاب التي تمارس الإبتزاز في الحياة العامة للمواطنين . وعليها مواصلة الكفاح مع كل القوى التي يهمها مستقبل العراق الديموقراطي والتي تؤمن بثبات بالحقوق القومية المشروعة للشعب الكوردي والنظام الفيدرالي . 3- التيار الإسلامي الذي يسمى بالتيار المعتدل في شقيه السني والشيعي ويضم في صفوفه أحزابا وشخصيات سياسية عديدة ، هذا التيار الذي يحمل و يخبأ لمستقبل العراق السياسي بديلا لايرتقي الى مستوى القليل من الدول الإسلامية التي تتبنى العلمانية في نظامها السياسي وفصل الدين عن الدولة كتركيا وماليزيا وأندونيسيا ، بل إن دعواتهم تتجه نحو إقامة نظام إسلامي خليطه عينات مكتسبة من الأنظمة السعودية والإيرانية وغيرها من هكذا أنظمة التي غلقت على نفسها أبواب التطور والتقدم . والى جانب هذا فإن هذا التيار لاينتمي الى العراق بقدر إنتمائه الى الدين أو حتى القومية التي لاتقدم لنا نحن أبناء هذا البلد غير البؤس والحرمان ب – المجتمع العراقي ، مما لاشك فيه إن القوة الحاسمة في معالجة أغلب القضايا التي تواجه العراق تكمن في الشعب العراقي نفسه الذي يمتنع الدخول في العملية السياسية والدفاع عن مكسب إنهيار الدكتاتورية والوقوف صفا واحدا للدفاع عن حياة أبناءه الذين تهدر دماءهم في كل يوم ويتدمر إقتصادهم بشكل مريع ويضيع مستقبلهم على يد قوى الإرهاب دون أن يتخذ موقفا معينا ، ولاشك إن سنوات القمع الرهيبة المسلطة على رقاب العراقيين والمليئة بالجوع والحرمان والعزلة الكاملة عن العالم الخارجي إضافة الى التعقيدات والتشابكات الشديدة الخطورة التي تمر بها التجربة الحالية في العراق من وجود جيوش أجنبية جرارة على أرض العراق و الفوضى المستشرية في كل بقعة من البلاد ونزيف الدم الذي لايتوقف في طول البلاد وعرضها وعدم وضوح رؤية بخصوص المستقبل كلها عوامل تفعل فعلها المتزايد في التأثير على فعالية مجتمعنا العراقي والوقوف هذا الموقف السلبي . ولاشك إن إستعادة هذه الفعالية لن تكون سهلة أو سريعة ، بل تتطلب جهدا و وقتا يدفع ثمنهما هو نفسه للأسف الشديد .ثانيا – مجموعة العوامل التي تتفاعل مع المشروع بشكل عدائي ، وهي كالتالي.1- البعثيون ، الذين استطاعوا منذ إنهيار نظامهم المقيت ولحد الآن أن يعيدوا تنظيم أنفسهم وذلك من خلال إعادة تأسيس أحزاب ومنظمات تعتبر إمتدادا لفكرهم ونهجهم السياسي وهي تعمل على الساحة العراقية بفاعلية وتأثير واضح على المجتمع العراقي مستفيدة من الإمكانيات المادية الهائلة التي سرقها نظامهم المقبور من قوت هذا الشعب الذي ما زال يعاني الجوع والحرمان ، هذه الإمكانيات التي تؤهلها على قيادة المجموعات الإرهابية الموجودة على الساحة العراقية ومنها تلك التي نشأت في المدن العراقية مثل الفلوجة والرمادي وسامراء و الموصل وغيرها من مدن المثلث السني و من البعثيين أنفسهم ولكنها تحت مسميات مختلفة أغلبها إسلامية بما فيها هيئة علماء المسلمين ، ومنها مجموعات بقيادة الزرقاوي دفع بهم اخوتنا العرب من كل حدب وصوب، اصحاب ثروتنا النفطية وثرواتنا الأخرى وتحت نفس المسميات بالإضافة الى ( برادرانى إطلاعاتى جمهورى إسلامى ) و اخوتهم من القاعدة القادمون من أفغانستان . هذه المجاميع جميعها تعمل بشكل منسق وستراتيجي منظم أكثر فاعلية من القوى السياسية المنظوية تحت لواء الحكومة العراقية المؤقتة للأسف الشديد ، إضافة الى نفس المستوى من التنسيق الذي يخدم أهدافها مع رجالات البعث والقوميون الشوفينيون الذين خرجوا من العراق وتوزعوا على مختلف الدول لتأدية هذه الخدمة التي من شأنها اكتمال ستراتيجيتهم للعودة الى السلطة مرة أخرى.2- العرب وحكوماتهم التي خسرت قصورها المبنية بأموال الأسر العراقية الفقيرة و في مختلف المناطق من البلاد ،وحركة( التأخير) الفلسطينية التي خسرت ملياراتها من هبات صدام ، والمثقفين الذين خسروا الكوبونات النفطية والشعوب التي صوتت في فضائية الجزيرة بنسبة 96% الى جانب ذبح العراقيين والمختطفين الأجانب .3- الغرب الذي يسيل لعابه لخيرات بلدنا التي تعرض عليهم بسخاء من قبل الفلول التي تتجمع في هذه الدول والتي تمارس عملها برعاية منها ، هذه الفلول التي تتشكل من البعثيين الهاربين من العراق وغيرهم من التنظيمات القومية تنشط من أجل دفع الدول الأوروبية للقيام بدور التحريض ضد سياسات الولايات المتحدة الأمريكية الخاصة بالعراق في المحافل الدولية وهذا الدور الأوروبي يتوافق مع مصاعبها الداخلية والإقتصصادية وضرورة تصريفها على حساب القضية العراقية . ولاشك إن كل هذا يهدف الى إسقاط مشروع العراقيين في إقامة نظامهم الديموقراطي التعددي الفيدرالي الذي يستند على دستور دائم ينظم حياة الشعب العراقي على أسس عصرية وباتجاه الأمن والأستقرار والتقدم الإجتماعي . ومن هنا أرى إنه يتوجب على كل العراقيين الشرفاء وكل الذين لهم مصلحة حقيقية في هذا الوطن أن يقفوا وبحزم لدعم الديموقراطية في بلادنا ، وهنا لابد من الإشارة الى المبادرة الموضوعية والمهمة التي أطلقها أكثر من مائة شخصية سياسية وثقافية عراقية في 17-9-2004 من لندن والتي أكدت الترويج لخيار الديموقراطية للدولة العراقية المستقبلية والتي دعت القوى الديموقراطية الى توحيد صفوفها من أجله . ولكي يتحول هذا الخيار الى شعار تتبناها الجماهير العراقية العريضة التي من دونها لايتحول الى واقع فعلي فهو يتطلب أسماء أخرى لامعة لها حضورها وتأثيرها في الأوساط الثقافية و الجماهيرية قدمت سنوات طويلة وجميلة من العمر في مقارعة الدكتاتورية الى جانب جهود جماعية كبيرة تبذل في هذا الإتجاه من قبل كل الأفراد والجماعات المؤمنة بهذا الخيار وفي كل المناحي وفي الداخل والخارج وإقامة كل الفعاليات الممكنة من أجل إنجاحه .

ليست هناك تعليقات: