الاثنين، 28 أبريل 2008

قضايا ملحة تواجه المجتمع الأيزيدي 3-3


قضايا ملحة تواجه
المجتمع الإيزيدي 3 ـ 3
ناظم ختاري


ثالثا – المطلوب تنمية مناطق الإيزيدية على مختلف الأصعدة .

لا يخفي على أحد ، إن السياسة الشوفينية التي مارستها الحكومات العراقية المتعاقبة منذ نشأت الدولة العراقية ، ادت إلى المزيد من حرمان مناطقنا من الاستفادة من ثروات العراق الهائلة ، وخصوصا في الفترات التي انتعش فيها الاقتصاد العراقي بعد قرار تأميم الثروة النفطية في العراق بداية السبعينيات من القرن الماضي والتي تحولت بالنسبة إلى مجموع الشعوب العراقية إلى نقمة ، فكان نصيب أبناء مناطقنا المزيد من البؤس و الفقر والجوع والحرمان، وأنعدام الخدمات كالماء والكهرباء والمجاري وخدمة الهاتف والخدمات الصحية والطرق ، والعيش في قرى نائية لا تربطها بالمدينة طرق المواصلات الصالحة .

علاوة على عدم وجود خطط تستهدف تنمية هذه المناطق بعكس غيرها العائدة للعرب وبشكل خاص العشائر التي كانت تنتمي إليها أسرة صدام وجلاوزته الذين شاركوه في حكمه المقيت ومارسوا إلى جانبه المزيد من التخريب بحق اقتصاد البلد وسرقة المزيد من أمواله لحساب عوائلهم وملذاتهم الشخصية وبناء أعتى وأشرس أجهزة أمنية لقهر جماهير الشعب وقواها الساسية وعسكرة قواعد حزب البعث الذي لعب أقذر دور في التاريخ السياسي للدولة العراقية علاوة على بناء جيش عرمرم أستخدمه من أجل تحقيق نزواته المريضة، ودفع المزيد من هذه الثروات إلى خارج العراق لتغذية رغباته القومية المتعصبة والمتوحشة وتشكيل أكبر جيش من المرتزقة من أبناء العروبة في محيط العراق وفي كل المستويات من الحكام وإلى أقذر إرهابي، والذين نبتلي بهم اليوم ،

كل هذا أدى إلى تدمير بنية البلد التحتية والذي تواصل من خلال الحروب التي خاضها، الداخلية منها والخارجية .

ومما يجدر الإشارة إليه ، فإن المناطق التي يسكنها أبناء الديانة الإيزيدية عانت أكثر من غيرها في كل العراق جراء هذه السياسات ، لأنها بشكل طبيعي كانت تفتقد إلى الكثير من شروط الحياة اللائقة مثل شحة المياه في أغلب الأحوال وتعرضها إلى الجفاف لأنها في الغالب تقع خارج الخط المطري العاشر علاوة على إن سكان هذه المناطق يعتمدون على الزراعة في شقيه النباتي والحيواني،

وبسبب العلاقات الإجتماعية الاقطاعية والتي كانت سائدة منذ الفترات التاريخية الطويلة ، كان هنالك أعداد كبيرة من أسر هذه المناطق محرومة من أية ملكية وقد كانت تعيش أوضاعا مزرية ، فلولا التحولات الإقتصادية والاجتماعية في عقد السبعينيات واحتواء المجالات الخدمية لأعداد كبيرة من شبيبة هذه الأسر لكان كاهل المجتمع الإيزيدي أثقل بكثير من الآن .

وعلى الرغم من كل هذا لم تقدم كل السلطات العراقية المتعاقبة على الحكم لتغيير هذا الواقع الاقتصادي المرير في هذه المناطق، فكل ما كانت تحصل عليها من خدمات لم تكن تتعدى إلا القليل وفي كل الأحوال لم تكن ترتقي إلى ربع المستوى التي كانت تصل إلى المناطق الأخرى وفي غالبيتها لم تكن تشمل الجانب التنموي لهذه المناطق ، وهنا لابد من الإشارة بأن ما جرى تقديمه من خدمات إلى هذه المناطق في العهد السابق ، إنها اليوم تحتاج إلى الإدامة أو إلى إستحداثها ثانية لأنها لم تعد تصلح كثير ا ، وأسوق بعض الأمثلة السريعة بهذا الخصوص ، فشبكات المياه التي جرى توزيعها في داخل بعض قرى هذه المناطق وإيصالها إلى البيوت ، كانت عبارة عن خراطيم اعتيادية، تحمل كلفتها أهاليها وكانت ضعيفة المقاومة وكان ينبغي تبديلها بين فترة وأخرى ، وهذه العملية بحد ذاتها كانت تشكل عبئا ماليا على عوائل هذه المناطق ، علاوة على شكل التوزيع المتردي جدا من الناحية الهندسية ، ففي أغلب الأحوال لم تكن هذه العوائل تستطيع الحصول على حصتها من المياه القادمة عبر هذه الخراطيم ولهذا كانت تضطر إلى شراء المياه الصالحة للشرب باستمرار،

وما يجدر ملاحظته فإن هذه الشبكات لازالت على عهدها القديم ، وهكذا بالنسبة إلى المدارس التي جرى تشييدها حيث أصبح كل شيئ فيها قديما لايصلح للوضع الحالي علاوة على عدم احتواءها للكثير من المرافق التي يتطلبها التعليم الحالي في المدارس .

ولاشك ان وضع شبكات الكهرباء في هذه المناطق يرثى لها فبالإضافة إلى عدم وجود الكهرباء إلا لساعات قليلة فإن شبكاتها تعاني المزيد من الخراب وكثيرا ما تشكل مخاطر جدية على حياة العوائل بسبب الفوضى التي تعانيها في عملية الربط وإيصالها إلى البيوت وعدم وجود أي من عوامل الصيانة .

أما خارج هذه الخدمات فلم يصل إلى هذه المناطق أي شيئ آخر، وربما لم يسمع الكثير من المواطنين بمئات الخدمات الضرورية التي يحتاجها الإنسان ويستخدمها في الوقت الحاضر، وهنا أنا لا أنتقص من أهلنا ، بل اود أن أبين للقارئ الغير إيزيدي مدى الغبن الذي يعانيه المواطن الإيزيدي . فحتى طرق المواصلات المبلطة تنعدم في الغالبية العظمى من قرى هذه المنطقة، وما موجود منها أصبح بمرور الزمن غير صالح للاستخدام الأمثل . بشكل عام الخدمات التي قدمت للمنطقة سابقا تدهورت الآن كثير اوهي تحتاج إلى إعادتها من جديد.

و كل هذا قائم بالرغم من مرور أكثر من 13 سنة على رحيل إدارات وعسكر النظام المقبور من كوردستان ومرور سنتين على سقوطه نهائيا . وما يجري تقديمه من خدمات إلى هذه المناطق يتعثر أما بعدم حسم الوضع الإداري لهذه المناطق بين أن تبقى تابعة لإدارة الدولة المركزية أو يجري ربطها بإدارة أقليم كوردستان أو بعدم وجود إدارة موحدة في الأقليم وعلى أي من الحكومتين الكورديتين أن تقدم الخدمات لهذه المناطق . في كلا الحالتين أعتبر هذا الإهمال هو متعمد وفي نفس الوقت تنصل من المسؤولية أزاء هولاء الناس الذين يعانون مرارات نقص الخدمات ومصاعب الحياة ورداءة العيش والتهديدات الإرهابية بالقتل إن خرجوا من مناطقهم بحثا عن العمل ،

فالبطالة تشمل أعداد كبيرة منهم والمنطقة تفتقد إلى أية مشاريع تنموية، والخدمات القليلة التي تقدم لهم فهي ليست أساسية وفي نفس الوقت ليست مبرمجة وفق خطة مدروسة من قبل إحدى الحكومات الثلاث، وإنما تقدم على أساس التنافس بين الحزبين الكورديين من أجل كسب النفوذ ليس إلا ، والأمثلة بهذا الخصوص كثيرة لست بصددها الآن ، أما الحكومة المركزية فليس لها شأن ولاعلاقة بمناطقنا .

إن منطقتنا أيها السيدات والسادة تحتاج إلى البناء من أولها وإلى آخرها، فدعوا التنافس في مكان أومجال آخر، وإن وضعنا لا يتحمل ذلك لاننا بحاجة إلى أن نشبع وأن نعمل وأن نرجع قرانا المغتصبة وأن نبني و ننمي مناطقنا ونترفه بخيرات بلادنا فمن ينجز لنا كل هذا سيحصل دون أدنى شك على أصواتنا ، وأرى الأعتماد على الجوانب التالية باعتبارها برنامجا كفيلا لتنمية هذه المناطق على أن تتبناه الدولة وليس الأحزاب ، وأحصرها في النقاط التالية .

1- ضرورة القضاء على حالة العوزالمادي والفقرالإجتماعي الذين يعانيهما أبناء هذه المناطق وذلك من خلال تبني برنامج شامل لتعويض جميع العوائل من كل جوانب الحرمان التي فرضتها الحكومات السابقة ، علاوة على ضرورة تبني برنامجا للرعاية الإجتماعية الذي يوفر حدا معقولا من مستوى معيشي لائق للمواطنين باعتبار ذلك حقا من حقوق الغير قادرين على العمل وتعويضا دائما للعاطلين عن العمل و الذين لايجدون فرص العمل في مؤسسات ومرافق الدولة وعوائلهم، أو الذين لاتوفر الحكومة فرص العمل لهم .

والمادة الخامسة عشرة من قانون الدولة للمرحلة الانتقالية تؤكد على (للفرد الحق بالأمن والتعليم والعناية الصحية والضمان الإجتماعي ، وعلى الدولة العراقية ووحداتها الحكومية وبضمنها الأقاليم والمحافظات والبلديات والإدارات المحلية ، بحدود مواردها ومع الأخد بالاعتبار الحاجات الحيوية الأخرى أن تسعى لتوفير الرفاه وفرص العمل للشعب .) هنا أعتقد إن أهم حاجة هي ما تذهب لخدمة الإنسان باعتباره أثمن رأسمال.

2- القضاء على البطالة المستشرية بين كافة أبناء هذه الديانة ، وذلك من خلال إقامة.

- مشاريع زراعية- اروائية ، وفي هذا المجال هنالك أكبر مشاريع للرئ يمكن تنفيذها وهي المشاريع المرتبطة بسد أسكي موصل والتي من شأنها أن تحدث ثورة من الإزدهار على مستوى مناطقنا فإلى جانب تحقيقها لمجالات تنموية مهمة على مستوى العراق ومناطقنا ، فإنها توفر المزيد من فرص العمل لأبناء هذه المنطقة وغيرها من المناطق.

- تشغيل الأيدي العاملة من أبناء هذه المناطق في معمل أسمنت سنجار والذي يعد ثاني أكبر معمل في مجال اختصاصه على مستوى الشرق الأوسط .

- المناطق التي يسكنها الإيزيدية تتحمل إقامة المزيد من المشاريع مثل إنشاء مقالع للحجر، فقرية كندالا التابعة لقضاء سنجار تتميز بأجود أنواع الحجرالمستخدم للبناء إلى جانب وجود مناطق أخرى مثل الجبال المطلة على القرى الممتدة بين الشيخان وألقوش وكذلك منطقة جبل مقلوب،ومناطق سكنى القائيدية التابعة إلى دهوك ويمكن أن تلعب هذه المناطق دورا تجاريا مهما بإقامة مشاريع ومناطق تجارية ناجحة بحكم موقعها المتميز ، وتنجح في هذه المناطق الكثير من المشاريع الصناعية الزراعية. ولاشك أن تحقيق كل هذا سيدفع المواطن بالتمسك والبقاء في هذه مناطق آباءه وأجداده دون الإضطرار للبحث عن العمل في مناطق أخرى والهجرة إلى بلاد الغربة وهو يتعرض خلالها إلى ظروف غير طبيعية في شتى المجالات .

3- وهذه المناطق تحتاج إلى تنفيذ المزيد من مؤسسات تعليمية و تربوية وتثقيفية على الأسس الحديثة التي تواكب التطور الحاصل في مجالات التربية والتعليم والتثقيف ، ابتداءا من بناء رياض الأطفال وانتهاءا بمعاهد تختص بجميع الجوانب ، علاوة على مراكز للشبيبة تنمي قدراتهم ومواهبهم وما إلى ذلك ، و تحقيق مثل هذا الأمور سيكون سبيلا لتربية إنسان سليم وإزالة آثار الماضي المثقلة بالتشوهات من هذه العملية .
4 - تحتاج هذه المناطق إلى البناء وإعادة الإعمار على مختلف الأصعدة ، فالعائلة فيها تحتاج إلى سكن يليق بالإنسان فالغالبية العظمى من الناس تعيش في أما بيوت من الطين تفتقر إلى أبسط مستلزات الحماية من الكوارث أو في بيوت تفتقر لكل شروط الحياة المتحضرة ، وثم تحتاج هذه المناطق إلى المياه الصالحة والغير الصالحة للشرب ، وتحتاج إلى شبكة كهرباء تضئ ظلمتها وتقيها من مخاطر رداءتها ، تحتاج إلى التعرف على كيفية التحدث عبر الهاتف المنزلي، وتحتاج إلى شوارع تقلل من إستهلاك السيارات وتعطلاتها وتسهل وصولهم إلى المناطق المحيطة بهم، وتحتاج إلى العلاج القريب من المواطنين من مراكزصحية ومستشفيات وتوفير الكادر الطبي وغير ذلك من مستلزمات العلاج .
5 – دور العبادة الإيزيدية تحتاج إلى الترميم والخدمات واعتبارها مناطق أثرية وتشجيع السياحة إليها وتوفير الحماية لها من قبل الدولة .

ليست هناك تعليقات: