الاثنين، 28 أبريل 2008



الإيزيديون فقدوا وزارتهم الوحيدة في ظل
حكومة الوحدة الوطنية
ناظم ختاري
ناظم ختاري
بعد أن كانت المفاوضات الماراتونية من أجل تشكيل الحكومة العراقية على أساس الوحدة الوطنية وإشراك غالبية الطيف العراقي تدخل هذا الدهليز ويخرج منه ويستقبلها الآخر.
وبعد أن تعدت العشرات منها بين عربية شيعية أوسنية و كوردية وتركمانية ظهر أخيرا إن هذه المفاوضات أبت الدخول في الدهليز الإيزيدي ، لأن صاحبها السيد الجعفر ي أرادها أن تكون أي مفاوضات تشكيل هذه الحكومة نقية مطهرة بشكل كامل، و لكي تكون هذه الحكومة هكذا أيضا ،عليها أن تكون بعيدة عن ملامسة يد إيزيدية وبعيدة عن رائحتهم وبعيدة عن لونهم وبعيدة عن مشاركتهم وبعيدة كل البعد عنهم كي تسمى بحق أنها حسينية تتعالى فيها أصوات الله أكبر عندما يخطب فيهم أيام الجمعة , على طريقة رئيس قائمته عبد العزيز الحكيم الذي يصعد منصة الجمعية الوطنية وكأنه أمام مجموعة من المصلين وهو في جامع يقول خطبته فيهم وليس أمام قوام الجمعية الوطنية الذين ينبغي عليهم أن يدركوا إن أمامهم مهمة بناء العراق الجديد وليس تكريس الطابع الديني في عمل وأروقة الجمعية الوطنية التي أنتظر ولادتها العراقيون بفارغ الصبر، ولكي تشرع للعراقيين حقوقهم وحرياتهم في ظل نظام ديمقراطي و بشكل متساوي دون تفرقة وتمييز ، ولكنه منذ البداية تعرض كل شيئ إلى الكثير من التشويه والتمزيق .

فبعد أن جرى حرمان العديد من أطياف المجتمع العراقي من المشاركة في العملية السياسية منذ بدايتها والذي يعد ضربة موجعة تلقتها هذه الأطياف وبشكل خاص الإيزيدية والاخوة الصابئة من قبل القوى السياسية التي تعاملت معهم من منطلقات قومية ودينية و طائفية عمياء ، وجدوأ أنفسهم وخصوصا أبناء الديانة الإيزيدية وأبناء الديانة المسيحية في مناطق سهل الموصل أمام أكبر عملية سلب حقوق شارك في ارتكابها للأسف الشديد الحزبان الكورديان وبأيدي القوى الدينية والقومية المتعصبة والشوفينية عندما حرم هؤلاء من أعز وأول حق ديمقراطي لهم وهو حرمانهم من المشاركة في الانتخابات التي جرت في نهاية شهر يناير من السنة الجارية.

عندها بدأ الأمر جليا لدى ابناء هذه الديانات من إن حقوقهم لن تتحقق في هذا الوطن وبوجود هكذا نهج لدى الأحزاب التي كرست االأسس القومية والدينية والطائفية والعشائرية المتطرفة في بدايات عملها السياسي وهي على رأس السلطة وتقود البلاد بعين ذلك النفس الكارثي على مستقبل العراق وشعوبه .
هذاالنهج الذي لن يكون بديلا عن التمسك الحقيقي على ضرورة قيام دولة القانون تنبثق منها مؤسسات تستهدف إلى تكريس الديمقراطية في الحياة السياسية للبلاد . وإلى جانب هذا فإن الأمر كان بالنسبة لهؤلاء بمثابة إنذار ، من أن لامكان لهم في العملية السياسية وبالتالي لامجال للحديث عن حقوقهم ، لأنها أي الحقوق هي للأقوى والأقوى هنا هم الفائزون في الإنتخابات . ونحن أبناء الديانة الإيزيدية لسنا منهم لأننا منعنا من المشاركة في الإنتخابات ولم يكن فيها من يمثلنا في الواقع ، طبعا ليس على شاكلة العرب السنة الذين أصبحت مناطقهم حاضنة لتنظيمات البعث و الإرهاب وتصريحات أعضاء هيئة علماء التفخيخ والتفجير،الواجهة العلنية لحزب البعث والتي يجري التفاوض معها لاتقبل التأويل في هذا المجال ، وهؤلاء دون أدنى شك إلى جانب غيرهم من التنظيمات التي تعمل لصالح حزب البعث يتحكمون وعلى قدر كبير بالقرار السياسي العراقي وكذلك بالخطاب السياسي للحكومة الحالية ، التي أضطرت تحت ضغطها إعلان حكومة منقوصة بوزارات متروكة لكي يحتلها الإرهابيون ، علاوة على الضغط المتواصل للإعتراف بهم رسميا والتفاوض معهم لإعادة ترتيب العملية السياسية وفق مشيئتهم وإطلاق سراح قتلة الشعب العراقي من السجون .
إ ذن فهؤلاء لم يشاركوا في الإنتخابات،طبعا لكي يكونوا القوة الرادعة لإنتقال السلطة إلى غيرهم . أما نحن فمنعنا من المشاركة في الإنتخابات لكي يجري إسقاطنا من العملية السياسية تماما ونهائيا .
فالإنتخابات هذه أفرزت في الواقع نتائج قد تؤدي إلى تقويض ما كانت تصبوا إليه المعارضة العراقية أبان العهد الدكتاتوري البائد، وهو إقامة نظام ديمقراطي فيدرالي تعددي , ولاشك إن بدايات هذا التوجه أصبحت واضحة عندما جرى حذف أهم فقرة من القسم الذي أدته حكومة الجعفري وإقصاء الأيزيدية والصابئة من حكومة الوحدة الوطنية ، من هنا بدأت الأحزاب الشيعية تتراجع وكما كان متوقعا على الأقل بالنسبة أليَ من وجهة إقامة نظام ديمقراطي فيدرالي تعددي وتحريك العربة بسرعة غير متوقعة نحو تكريس نظام طائفي يدفع بالعراق إلى الإنغلاق على الآخرين من القوى الوطنية والديمقراطية والعلمانية وحرمان مكونات الشعب العراقي الأكثر أصالة وبشكل خاص أبناء الديانات الإيزيدية والصابئة والمسيحية من حقوقها في المجالات المختلفة ، والتي سكتت عنها للأسف الشديد القائمة الكوردستانية إلا عن كلمة الفيدرالية دون كلمة الديمقراطية، وخصوصا إنها الشريك في حرمان الإيزيدية من الوزارة وفقدانهم لها ، لأن الجعفري تفاوض مع القائمة الكوردية دون أن يجد إيزيديا للتفاوض معه ولم يكلف الرجل نفسه عناءا للسؤال عنهم فيما إذا كان يتصرف صحيحا أم لا أتجاه هذه القضية ، لأنها أي القضية كانت قد حسمت أساسا باعتبارهم أكرادا وبالتالي حقوقهم مضمونة دون أي نقص ولو على قيد شعرة واحدة لدى القائمة الكوردية باعتبارهم الأصل والفصل .

ومن هنا وعندما وصلت القضية وانحصرت في القائمة الكوردية والتي كانت حصتها ثمانية حقائب وزارية متوزعة بين الحزبين ، حصة كل حزب اربع حقائب ، تكون القضية قد اصطدمت بجدار منيع ، ألا وهو من من الحزبين يتنازل لأجلنا بحقيبة ،؟ في الواقع كان الأمر صعبا جدا ، فكل شئ ، ولاحقيبة وزارية تخل بالتوازن المعتمد عليه في كوردستان، 50 % لك و50% لي !
وبهذا فإن حكومة الوحدة الوطنية التي شكلها الجعفري استندت على اسس وطنية غير أسسنا ، وخصوصا نحن نحلم وسنظل نحلم بها إلى أن تتحقق ، ولكنها لن تكون أسس الجعفري ولا أسس القومجية المتعصبين ، بل أسس تلتقي مع أسس كل الخيرين والديمقراطيين والمؤمنين بالتعددية والذين يصبرون على الانتحار إن أصبح يوما وعن طريق الصدفة إيزيديا رئيسا لدولة العراق، كما حصلت معجزة مام جلال ذلك الكوردي المناضل

ليست هناك تعليقات: