الاثنين، 28 أبريل 2008

ماذا عن الميليشيات .. أليست إرهابية ..؟!

ناظم ختاري

السيد رئيس الوزراء نوري المالكي يردد كثير ا ومعه العديد من المسئولين أن السبب الرئيسي الذي يؤدي إلى تدهور الأوضاع في البلاد هو الإرهاب ، وأما الميليشيات فنحن نعرف أصحابها ونتعامل معهم عبر الطرق السياسية ، والرئيس جلال الطالباني انضم إليهم أيضا لكي يقول أن الفلتان الأمني سببه الإرهاب والميليشيات وهذا في الواقع صحيح جدا ولكنه أي السيد الرئيس لا يريد أن يعترف بأن الميليشيات الشيعية إرهابية مثلها مثل كل الإرهاب الجاري في البلاد ، هذا من جانب وأما من الجانب الآخر يفهم من هذا التصريح وكأن هذه الميليشيات كانت عوامل استقرار فيما مضى من الوقت بعد ما أطيح بنظام صدام حسين وليست عوامل تدهور الأوضاع وبالتالي ليست هي التي تمارس الإرهاب أو طرفا في الحرب الأهلية الجارية ، وفجأة جرى اكتشاف هذا اللغز العجيب ، والعاصي على الفهم ، و أن الحكومة بكل رجالاتها ومؤسساتها الرسمية لم تكن تعرف أن الميليشيات التي يتعاملون مع أصحابها سياسيا هي سبب مقتل أكثر من نصف ضحايا هذه الحرب والقتل العام الذي يمارس بوتائر مخيفة في طول البلاد وعرضها .

(ما حدث ليس ارهابا، بل وقع نتيجة خلاف ونزاع بين عناصر الميليشيات من هذا الجانب أو الآخر".)

هذا ما قاله رئيس الوزراء العراقي بعد أن دعا إلى اعتقال المسؤولين عن اختطاف حوالي أربعين شخصا ( عدد المخطوفين كان150 وفق مصادر غير حكومية ) من مقر وزارة التعليم العالي العراقية في بغداد الثلاثاء الماضي ... لست أدري كيف يكون الإرهاب ..؟ إذا كان اختطاف هذا العدد من موظفي الدولة من قبل ميليشيات معروفة وتابعة للأطراف المتنازعة رسميا وفي قبة البرلمان ليس إرهابا .. !! فما هو الإرهاب يا قادة هذا الزمن العجيب ..؟ وينسى السيد رئيس الوزراء أن يقول على الناس أن تتفهم ما تقوم به هذه الميليشيات وتقبل الموت على يديها بكل أشكاله المعروفة سواء أن كان بواسطة سيف أو بندقية أو تفجير سيارة أو في سكن يتم تفجيره بالديناميت أو في محل تجاري يدخله شخص ذو رداء أسود تابع لميليشيات حلفاء رئيس الوزراء في التيار الصدري أو من فيلق بدر ليرتكب جريمته بقتل صاحب هذا المحل وتفجيره أو من أصحاب التوافق أومن رفاق الضاري أو المطلك وغيرهم من ورثة البعث يأتون بسوري أو أي عربي من بلاد العرب لكي يفجر نفسه بحزام ناسف ويمزق لأبناء هؤلاء الناس المساكين أجسادهم بالجملة .. أجل على ألناس أن تسكت وتقبل بذلك ، لأن هؤلاء الأخوة من أصحاب هذه الميليشيات لهم ألف قضية وقضية من القضايا القومية والطائفية و(الوطنية أيضا).. لا يمكن لها أن تتعالج دون هذا القتل الجماعي وعندما يصل الموت قتلا ذروته ويموت من الشعب العراقي نصف عدده أو أكثر بقليل أو على الأقل أن يحصل بواسطة هذا القتل تناسبا أو تعادلا في عدد السنة مع الشيعة عند ذاك سينعم الشعب العراقي بفردوس على أرض العراق تكون قد انتهت من تشييده هذه الميليشيات المناضلة .

أيها السادة ، إذا كان رأس السلطة في العراق يسكت عن جرائم الميليشيات التابعة لهذه الأحزاب التي تحكم البلاد ويبرر أفعالها ولا يريد أن يسميها إرهابا ، فمن الواضح جدا أن برنامج حكومته بشأن أحلال الأمن والاستقرار وتحقيق الرفاهية وإعادة البناء لم يكن إلا جانبا من الدعاية لتثبيت حكم تتلاعب بواسطته هذه الميليشيات بمصائر الشعب ومقدرات وطننا المنكوب بـ 35 سنة من حكم صدام والمنكوب بـ 4 سنوات من حكم الميليشيات الطائفية والله وحده يعرف إلى متى ستستمر هذه الفجيعة التي يعيشها العراق وشعبه . وفي نفس الوقت دليل على عجزها مواجهة الملفات الأمنية وعدم آهليتها لقيادة العراق في هذه الظروف العصيبة .

من هنا وربما في الغد القريب سيأتي كل من الضاري والد ليمي والمطلك وربما عزة الدوري نفسه لغرض تقديم طلباتهم وتسجيل إرهابييهم تحت مسمى الميليشيات بشكل رسمي إذا كانت هذه التسمية تبعد الشبهات عن هؤلاء الإرهابيين وتتركها تمارس جرائمها بكل حرية ، وعند ذلك ما على السيد رئيس الوزراء إلا أن يتعامل معهم على اعتبارهم أصحاب ميليشيات مناضلة وليس إرهابيين ولها من القضايا الوطنية ما لا تحصى .. وعلى مجلس النواب أن يبحث في قانون يجيز لهؤلاء أفراد الميليشيات القيام بعمليات القتل والخطف وما إلى ذلك .. بعد أن يجري تسجيلها وفق هذا القانون تحت أسماء ، مثلا الميليشيا القومية لصاحبها الشيخ الضاري وميليشيا التلاحم والتوافق لصاحبها الدليمي وميليشيا العودة لصاحبها المطلك وألخ .. كي تتعادل مع الصدريين والبدريين والمرجعيين وغيرها العشرات . وربما يجري تحديد مواعيد التفجيرات التي يمكن لها أن تقوم بها أو عدد الأفراد الجائز قتلهم وتحديد أماكن تواجدهم .

أيها السادة إن شخصا واحدا إذا حاول استخدام السلاح ضد شخص آخر في المجتمعات المدنية يعتبر فعله هذا إرهابا وفق القوانين والأعراف فكيف بمنظمات يبلغ عدد أفرادها الآلاف ، منتظمين ومسلحين في مجموعات خارج نطاق القانون ويخرقونه بشكل رهيب ويمارسون القتل بأبشع صوره ويحولون حياة المجتمع إلى خوف ورعب دائمان ولا يعتبرون إرهابيين ولاجرائمهم تحسب ضمن الإرهاب ..؟؟

هؤلاء الأفراد موجودين في العراق تحت مسميات مختلفة ولكنها جميعا تعتبر ميليشيات خارج القانون وتمارس إرهابا متشابها دون أن يختلف إرهاب هذه الجهة عن إرهاب الجهة الثانية بكل جوانبه ، حتى وإن اختلف في الأساليب المستخدمة ، فمثلا الميليشيات السنية إذا كانت تقتل بواسطة الخطف وثم تقوم بقطع رقاب الضحايا بسيف فارس من زمن الفتوحات والتكبير يعلو في مجازرهم البشرية وثم ترمى جثث الضحايا على قارعة الطرقات بحكم وجود منفذيها وليس( أصحابها كما يحلو للسيد رئيس الوزراء تسميتهم ) خارج المدن الكبيرة فإن الميليشيات الشيعية تخطو خطوتها الأولى على نفس الطريقة ولكنها تنهي حياة ضحاياها بقيد اليدين وإطلاقة واحدة في الرأس وثم ترمي بجثثهم في شوارع بغداد ونهر دجلة لأن أصحابها أكثر قوة في حكم العراق وموجودين في بغداد مع جيوشهم الميليشياوية .

و في الصباح الباكر تقدم الشرطة للصحافة حجم الحصاد اليومي لهذا الإرهاب الذي ( ليس إرهابا ) من جثث مجهولة الهوية جمعتها من مناطق متفرقة من العراق ..!!

ليست هناك تعليقات: