الأربعاء، 7 مايو 2008

محطات من أنفال به هدينان - المحطة الثامنة


محطات من أنفال به هدينان

ناظم ختاري
(المحطة الثامنة )
أنصار يتحدثون عن العوائل وقرار الانسحاب
تقدمنا وسط هذه الأعداد الهائلة من البشر والذين ينتشرون بين صخور جبل كارة و قطوعه وأشجاره نحو موقع تواجد رفاقنا والعويل لا يتوقف وأصوات الإنفجارات و اطلاقات البنادق لا تتوقف هي الأخرى ، فأصوات الإنفجارات كانت إشارة على أن هذه القوات دمرت قرية خلفتها وراءها بمواد متفجرة وأصوات اطلاقات الأسلحة الخفيفة كانت إشارة دخول واحتلال طلائع هذه القوات لقرية جديدة وعادة ما كانت هذه الطلائع من وحدات الجحوش المرتزقة وهم يزفون بشرى جريمتهم أللأخلاقية لبقية قواتهم الزاحفة وراءهم نحو هدفهم النهائي وهو إحكام الحصار التام حول كارة وذلك بسبب معرفتهم بوجود هذا العدد الهائل من سكان هذه القرى مع البيشمه ركه والأنصار في حلقة حصارهم في هذا الجبل ، وأشارت التوقعات إلى أن عدد المحاصرين كان يزيد على ألـ ( 15) ألف إنسان اعتمادا على احتساب عدد القرى التي كان ينتمي إليها المحاصرون وعدد نفوس سكانها التقريبي وغالبية هذه القرى كانت قرى مناطق عملنا ولذلك كنا نلتقي بأعداد كبيرة من المعارف من مواطنيها بين كل دقيقة وأخرى وأثناءها يتولد عند المرء شعور غريب وهو يقف أمام هؤلاء الناس لا حول ولا قوة له ، ويردد في داخله ما ذنب هؤلاء الأبرياء وهم يتعرضون إلى كل هذه المصائب وقد تكون المصيبة الحالية أكبر كارثة في تاريخهم..؟ لم نكن نستطيع أن نفعل شيئا من أجل هؤلاء كلنا كنا نتعرض لنفس المستوى من المخاطر على الأقل في بادئ الأمر حتى وإن تغيرت المسألة بعد ذلك .
في الطريق إلى حيث رفاقنا وعوائل أنصارنا رأينا عشرات المواقف المحزنة ولكن التفكير بما سيحصل لهؤلاء الناس بشكل جماعي وهم في هذا الحصار سيطر على أي شئ آخر.. فهل يستطيع المرء أن يتخيل من أين سيحصل هؤلاء البشر على طعامهم وشرابهم وهم معلقين في قمم هذا الجبل ووديانه ..؟ هل ستستمر هذه القصة أم ستكون لها نهاية ..؟ وكم ستستمر حتى تبلغ نهايتها في ظل الجوع والبرد والخوف والأمراض ..؟ وكيف ستكون هذه النهاية وسط هذه الكم الهائل من القوات المهاجمة والمسلحة بأخطر أنواع الأسلحة ...؟ لا يمكن للمرء أن يتخيل غير نهاية محزنة ومأساوية لهذه الآلاف من البشر . فلم يكن بامكانه أن يتخيل غير ذلك وضربة مقر أنصار حزبنا في زى شين وأحداث حلبجة والضربات الكيماوية في المناطق الأخرى لازالت طرية في الأذهان وكان عدد ضحايا مدينة حلبجة لوحدها قريبا إلى عدد المحاصرين في هذا الجبل ،أي 5000آلاف شهيد و7000 آلاف جريح ..؟ فهل ستخجل السلطة لو أقدمت على مثل الجريمة مرة أخرى وقتلت هذه الآلاف المحاصرة ..؟ ومن سيردعها عن ذلك إذا أرادت ..؟ فكل المجتمع الدولي أصبح إلى جانبها وتمتنع الاعتراف بحقيقة كون النظام أستخدم هذه الأسلحة ..! ولم يكن لنا أصدقاء في هذه المحنة ، نعم إنه استخدم الأسلحة الكيماوية ..أستخدم غازات سامة لم نكن نتداول أسماءها من قبل كغاز الخردل أو السيانيد أو الماء الأصفر وما إلى ذلك ، وما بالك وإنها أصبحت تستخدم على نطاق واسع ضد سكان كوردستان كأسلحة فتاكة وأن هذه الآلاف ستموت لا محالة بواسطتها وبطريقة بشعة ...!! اعتقد أن كل واحدا منا دارت في مخيلته مثل هذه الأسئلة والكثير غيرها ونحن نلتقي الناس والمعارف وكان الحزن المرسوم على وجوههم يؤكد بشكل لا يقبل التأويل على بشاعة ما كان ينتظرهم جراء كل هذا .
وكما كنت تجد المحاصرين من سكان هذه القرى يحملون هموما لا تستطيع كل الدنيا تحملها ،هكذا وجدنا أنصارنا وعوائلنا أيضا يحملون حصتهم من هذه الهموم والحيرة في نفس الوقت بعد أن ألتقيناهم في مواقع متفرقة ضمن هذا المكان تحسبا لأي طارئ . فرغم شدة بأسهم قبل هذا الوقت كنت تجدهم في حيرة لا يحسد عليها ... أصبحت كل الطرق مغلقة بوجوهنا وها هي العوائل تعيقنا ... لا نستطيع أن نقدم لهم شيئا بعد الآن ... ولا نستطيع أن نجد حلا لهم في ظل هذا الحصار ... ونحن الآن هنا تأخر كل شئ ...علينا ان نقبل بمصيرنا المحتوم ... فلان يتحمل مسؤولية تأخير العوائل ... هذه عوائلنا سنموت من أجلها وندافع عنها من أجل خلاصهم ... نحن لو كنا لوحدنا لاستطعنا أن نجد لنا طريقا تنقذنا ... ولكن المشكلة هي مشكلة العوائل ... لماذا تأخرتم في عملية ترحيلنا....؟ كان هناك متسع من الوقت أن نصل إلى الحدود قبل نقع في هذا الفخ ولكن الرفاق أهملوا ذلك ... صحيح كان هناك الوقت الكافي لنقل العوائل إلى الجهة الثانية ولكن كان من شأن ذلك إثارة بلبلة بين الناس في المنطقة وهذا ما لم نكن نرغب به ...كان من الضروري اتخاذ الإجراءات اللازمة بصدد إبعاد العوائل إلى مناطق آمنة بسبب شراسة النظام ودمويته التي لم تفرق بين طفل ومقاتل..هكذا تكلم الجميع بين مستاء وبين من يقول أن الأحداث كانت سريعة لم تترك لنا فرصة جيدة للتفكير واتخاذ ما يلزم لتجنب مثل هذا الوضع وعموما كانت المواقف غير واضحة وأصبحنا في وضع صعب .
ولأجل التوصل إلى حقيقة الوضع ارتأيت ضرورة تدوين إجابات بعض الرفاق الأنصار عن تلك الأحداث كي تصبح الصورة أكثر وضوحا وهم يجيبون على سؤالين مترابطين في الواقع وهما – لماذا تأخر اتخاذ قرار بنقل العوائل إلى مناطق آمنة علما كان بإمكان الرفاق اتخاذه بهذا الشأن حسبما عرفت هل هذا صحيح ..؟ - ما هو تصوركم حول مجمل الوضع لماذا تأخر الانسحاب إذا كان لابد منه دون مقاومة ..؟ فكان من شأن الإسراع به تجنب كل تلك الخسائر والمصاعب ..!
أبو سربست (صبحي خضر حجو) كان حينها عضوا في اللجنة القيادية الجديدة للمحلية ، فقد خمسة من أفراد عائلته ضمن هذه الحملة فتحدث قائلا وهو يجيب على السؤالين أعلاه .
لا يمكن الإجابة على هذا السؤال بإجابة واحدة ، إذ كانت هنالك عدة أسباب ضمن تلك الظروف التي كان فيها الوضع متشابكا وضبابيا إلى حد كبير وكان مفتوحا على جميع الاحتمالات ، ولكن في كل الأحوال كانت الآفاق قاتمة والآمال تنعدم تدريجيا أمام الأنصار وأهالي المنطقة . أما الأسباب فكانت برأيّ كالتالي :
1 ـ لم يصلنا ( منطقة بهدينان ) توجيه قيادة الحزب الصادر ( حسب ما عرف فيما بعد) في شهر شباط 1988 . والذي طلب إبعاد العوائل إلى المناطق الآمنة . وإذا كان قد وصل فإننا لم نبلغ به من قبل المسئول الأول آنذاك أبو سالار ( لبيد عباوي ) ، أو من قبل قاطع بهدينان نفسه ، بدلالة إن الفوج الثالث أيضا لم يتخذ التدابير الاحتياطية لرفاقه و عوائلهم إلا قبل إحكام سيطرة الجيش والجحوش على مناطقهم بيوم أو اقل من ذلك ، ورغم أنهم كانوا قريبين جدا من الحدود ولكن بصعوبة بالغة تمكن الأنصار وعوائهم مع مجاميع من الأهالي من عبور الشارع الرئيسي بين ( مجمع باطوفا ) و(كاني ماسي )، بحيث تم حصر المئات من الأهالي في ( كلي بازي) وجرى الحديث عن حصول مجزرة لهم على يد القوات العراقية .

2 ـ تأخرت اجتماعات القيادة في منطقة خواكورك ، وانتظرنا التغييرات المرتقبة ، وتأخر وصول الرفاق ( ممثلي القاطع والأفواج ) الذين كانوا مشاركين فيها حتى نهاية تموز أو بداية آب من نفس العام . وبعد وصول ابو سالار وعقد الاجتماعات للنظر في تطبيق القرارات المتخذة ، دعي إلى اجتماع بحضور الأنصار أصحاب العوائل ودعي فيه إلى إبعاد العوائل من المقر وأطرافه إلى مناطق أخرى على الأقل بضعة كيلو مترات . ولم يقتنع في حينها أي من أصحاب العوائل بما فيهم نحن أيضا . إذ عبرّ الجميع عن قناعتهم بعدم جدوى هذا الحل ، وإذا ما حصل الهجوم فانه سيشمل المنطقة برمتها ، ولن يقتصر على المقر فحسب . ولكن سقط بيد الأنصار بسبب عدم وجود البديل الجاهز من الحلول الأخرى على المستوى الجماعي على الأقل .

3 ـ بذلنا أنا والرفيق حسين حجو كنجي ( ابو عمشة ) محاولات ومن وقت مبكر مع أبو سالار المسئول الأول للمحلية ، و اقترحنا عليه إرسال العوائل إلى سوريا عبر طريق الخط السري للحزب ( التنظيم الداخلي ) . وضغطنا عليه كثيرا ، وتعذر بان عليه أن يستشير الرفيق المعني بالطريق السري ويسأله عن مدى توفر الإمكانية لنجاح هذه العملية ، فان أجاب ذلك الرفيق بالإيجاب ستتم الموافقة وإذا كان الجواب سلبيا ، لن نستطيع الإقدام على مثل هذه "المغامرة" .
وبعد فترة وجيزة اخبرنا أبو سالار: بان جواب الرفيق المعني كان سلبيا وانه لا توجد إمكانية لمثل هكذا عمل !
وفيما بعد ، وبعد الانسحاب إلى سوريا ، سألنا ذلك الرفيق المعني والمسئول عن ذلك الخط الحزبي السري ، سألناه حول الموضوع ، وأجابنا : نعم ، سألني أبو سالار وكان جوابي له ، انه توجد إمكانية جيدة لنقل العوائل كلها في حالة موافقة الحزب !! وقد شكّل جوابه لنا صدمة كبيرة جداً !! إذ كيف يمكن لأبو سالار أن لا يكون صادقا معنا لهذه الدرجة ويخون الأمانة الحزبية ، ويخدع من منحوه الثقة الحزبية ، وكانوا معه في خنادق الموت وحموه طيلة تلك السنوات !! ، ويكون بذلك أبو سالار قد تحمل مسؤولية أخلاقية مباشرة لفقدان تلك العوائل...

4 ـ يظهر إن جميع الأحزاب وقواتها البيشمه ركه لم تضع التصور الصحيح أو التوقعات الصائبة لنوايا النظام وطبيعة عملياته القادمة ! فقد اعتمدت أسوء تلك التوقعات على إن النظام ربما سيشن هجوما اكبر من ذلك الذي كان قد شنه قبل اشهر من ذلك الوقت في (5 كانون الثاني من 1988) . حيث تم التصدي لذلك الهجوم بضعة أيام ، ونقلت العوائل أثناءها إلى مناطق خلفية أكثر أمانا ( كلي كافيا) . وبعد انسحاب القوات الحكومية عاد الأنصار و العوائل وأهالي القرى إلى أماكن سكناهم السابقة أو في القرى والأماكن البديلة في الوديان وسفوح الجبال . ولم تتوصل توقعاتنا ( جميع الأحزاب ) إلى احتمال أن يشن النظام هجوما كاسحا كالذي حدث مستخدما فيه الأسلحة الكيماوية أو الأسلحة المحرمة دولياً !! . بدلالة إن آخر لقاء بين القادة العسكريين للأحزاب المتواجدة في المنطقة من أحزاب الجبهة الكوردستانية قبل اقل من أسبوعين فقط من الهجوم ، كان قد تم فيه الاتفاق على تشكيل المفارز المشتركة وطرق وأساليب ووسائل التصدي للهجمات المحتملة والمتوقعة !.

5 ـ كما أن قيادة لجنة محلية الشيخان للحزب الديمقراطي الكوردستاني ( الحليف في الجبهة الكوردستانية ) أنذلك ، لعبت معنا لعبة .. لا نعرف ماذا نسميها ؟! ولكن في كل الأحوال كان تصرفا سلبيا وغريبا عن الروح النضالية المشتركة والعلاقات المعمدة بالدم في سوح النضال .. إذ اخفوا عنا القرار الصادر عن السيد مسعود البارزاني والقاضي بالانسحاب الشامل للبيشمه ركة والأهالي إلى مناطق آمنة خارج الحدود . وتمثلت الغرابة ، بأننا بعد أن لاحظنا في أيام 24. 25 ، و26 آب تصرفات أهالي القرى وارتباكهم ومحاولات الرحيل الجماعي ، أرسلنا وفداً بقيادة المرحوم أبو فارس ثلاث مرات في يوم واحد إلى مقرهم في ( سي ده را ) نسألهم فيها عن التطورات الجديدة وفيما إذا كانت هنالك أية أخبار استثنائية من القيادة ونذكرّهم بحال الأهالي وترحالهم ، فكانت إجاباتهم بأنهم لا يعرفون شيئا وليس هنالك من جديد ! وتكرر الأمر لليوم الثاني وكانت إجاباتهم هي نفسها !. وهم بذلك فوتوا علينا فرصة يومين ، كان بالإمكان خلالها إن نعبر النهر باتجاه الحدود الإيرانية والتركية ، بدليل إننا بعد أن رحلنا فيما بعد ، بقيت لنا مسيرة يوم واحد وكنا نعبر ذلك النهر ونصبح خارج سيطرة القوات المهاجمة . ولكننا حوصرنا ولم نستطع مواصلة المسير.
وقد كان وقع هذا التصرف على الأنصار و عوائلهم شديداً وبالغ القسوة والتأثير . وقد طرحته على شكل تأنيب قاسي على المرحوم ( علي حسن خنسي) الذي كان هو المسئول الأول في محلية الشيخان آنذاك ، عندما التقيته في دمشق بعد الأحداث بعام . وعبّر عن أسفه ولم يستطع أن يعطي تفسيراً مقبولا لذلك التصرف .

6 ـ الأمانة والموضوعية تقتضي عند رواية هذه الأحداث ، أن يكون المرء صريحا مع نفسه والآخرين ، فقد كانت لما تسمى قضية الالتزام الحزبي الصارم والالتزام بالأصول وعدم تخطي المراجع و... الخ من القواعد والتعليمات الحزبية التي تربينا عليها نحن الكوادر ولأكثر من ثلاثة عقود ، الذين كنا نعيش فصول هذه القضية المأساة ( أنا والرفاق: أبو عمشة وتوفيق وابو داؤود وآخرين ) إضافة إلى إنها كانت تشكل لنا مسألة أخلاقية وجزء من تقاليدنا الاجتماعية الشخصية ، وان كانت هذه القضية ( صدق الالتزام ) في العمل الحزبي وفي مختلف المراحل لها إيجابياتها ، ولكنها في الحالة التي نحن بصددها كانت لها نتائج سلبية كبيرة علينا وعلى عوائلنا ، ولو لم يكن التزامنا بهذه الدرجة ربما اكرر ربما كانت النتائج ستكون بشكل آخر! . فمثلاً ، كان بامكاننا تجاوز هذه العادة في تلك الظروف ونسأل الرفيق المختص بالطريق الحزبي السري إلى (سوريا ) ، إذ كنا نعرفه ونحتفظ معه بعلاقات متميزة ، وتوفرت الفرصة لذلك ، وكنا بذلك نكشف خداع ذلك المسئول ، وربما كنا نتخذ قراراً في صالح تسفير تلك العوائل .. وان ليس بالإمكان إعطاء ضمانات أكيدة حول نجاح الخطة من عدمها في تلك الظروف الصعبة. ومثال آخر.. في تلك الظروف كانت بالتأكيد تتوفر إمكانيات عديدة ومتنوعة للبعض إذا لم اقل كل هؤلاء الكوادر المذكورة آنفاً، لو استخدموها بشكل فردي لأمكنهم إنقاذ عوائلهم ! ، ولكنهم انطلاقاً من تلك الروح الحزبية والمثل والأخلاق الاجتماعية التي تربوا عليها وتشربت بها نفوسهم ، منعتهم من التفكير كل بذاته أو بعائلته فقط ، وارتضوا أن يكون مصير الجميع واحداً ، مع العلم إن كل نصير ترك له الخيار بين تسليم العائلة ولكن بعد العفو أو التصرف بغير ذلك وعلى مسؤوليته الشخصية ..

وفي كل الأحوال لابد من تبيان حقائق أخرى أيضا :
الأولى : إننا طيلة فترة الحصار أرسلنا المفارز الكثيرة في مختلف الاتجاهات من اجل الكشف عن أي طريق أو منفذ يمكن أن نسلكه للوصول للحدود الإيرانية أو التركية ولكن تلك المحاولات باءت بالفشل . إذ فقدنا اثر بعض المفارز ، وبعض أفراد مفارز أخرى فقدوا اثر بعضهم البعض بعد تعرضهم إلى كمائن القوات الحكومية واستشهد على أثرها البعض منهم .
الثانية : إننا كنا محاصرين ومعنا آلاف العوائل في ( جبل كارا ) كما أشار الأخ ناظم ختاري ، وكان الحصار محكماً وفي العديد من الأحوال كنا نغامر ونذهب إلى الينابيع وعيون المياه من اجل ملأ ما يتيسر لنا من الأواني للعوائل والأطفال بشكل خاص ، إذ كانت القوات الحكومية هي التي تسيطر على تلك الينابيع ، وكانت تلك القوات تعلم جيدا بوجود ذلك الكم الهائل من البيشمه ركة و العوائل ، ولهذا أيضا كنا نتوقع في كل لحظة أن يصار إلى شن الهجوم الكاسح علينا أو قصفنا بالمدافع والراجمات أو قصفنا بالطائرات الحربية والسمتية إذ كانت دائمة التحليق فوقنا .
الثالثة : كان الاعتقاد سائداً آنذاك وبشكل خاص بعد العفو ( 6/ ايلول ) ، بأن أقصى ما يمكن أن يتخذه النظام من إجراءات ضد العوائل التي تسلم نفسها بعد العفو ، هو انه سيعمد إلى إسكانها في مجمعات في وسط وجنوب العراق ، أو ربما في كوردستان أيضا ولكن كاحتمال ضعيف .. وهذا ما جرى فعلاً ، باستثناء عوائلنا وعوائل أخرى من قرى المنطقة ، ولكن الأغلبية الساحقة أسكنت في مجمعات قسرية في كوردستان . وفي الانتفاضة عادت كل تلك العوائل إلى المدن أولا ومن ثم قراها وأماكن سكنها السابقة بعد أعمارها طبعاً .
توفيق ( خيري درمان) الذي فقد عائلته هو الآخر والمتكونة من 6 أفراد إضافة إلى أكثر من 25 فردا من أقاربه ضمن هذه الحملة و كان حينذاك في موقع المسئول العسكري الأول ضمن التشكيلة الجديدة بعد دمج الأنصار والتنظيم المحلي وأجاب عن هذين السؤالين قائلا في الحقيقية جاء التفكير بضرورة معالجة وضع العوائل بعد هجوم السلطة على مناطقنا في 5-1-1987 على محورين الأول محور كانيكا والثاني محور سوارى وسبيندارة ، استطاعت خلالها قوات النظام عبر محور كانيكا احتلال مقراتنا وحرقها إضافة إلى حرق بعض البيوت العائدة لأفراد قوات الأنصار والبيشمه ركه في القرى التي كانوا يسكنون فيها بعد أن اضطرت هذه العوائل الانسحاب معنا في هذا الشتاء القاسي إلى منطقة كافيا حيث كان يوجد فيها مقر قاطع أربيل لأنصارنا ، علما هذه المرة لم تتعرض هذه القوات لسكان المنطقة وقراهم ، عندها شعرنا بمدى تأثير وجود العوائل في مناطق قد تصبح مناطق قتال دائمة على نشاط الأنصار فكان لابد لنا البحث عن حل بالاتفاق مع قيادة الحزب وخصوصا إنها أصبحت تتعرض إلى مخاطر جدية وأن سكان القرى التي تسكنها هذه العوائل أصبحوا يشعرون بعواقب تتهددهم في حالة استمرار بقاءها ضمن قراهم ولكننا تأخرنا في إيجاد حل والبحث بشأن ذلك ولم تطرح المسألة على قيادة الحزب بشكل مباشر إلا عند سفري إلى إيران لغرض العلاج في الشهر الرابع من عام 1988 ، حينها كلفت من قبل قيادة الفوج لمفاتحة قيادة الحزب حول هذه المسألة وضرورة إيجاد حل لها وفعلا حصل هذا اللقاء مع كل من الرفيقين أبو سعود ( عزيز محمد ) كان وقتها سكرتير اللجنة المركزية للحزب والرفيق أبو عامل كان عضوا في المكتب السياسي للحزب ومسئول المكتب العسكري المركزي لقوات أنصارنا و تبين أن الرفيقين كانا يتفهمان القضية وتركا صلاحية اتخاذ قرار بشأن العوائل على عاتقنا مع إبداء ملاحظة حول ضرورة عدم تأثير ذلك على نشاط الأنصار أصحاب العوائل .
بعد عودتي من إيران ووصولي إلى مه رانى والقول لتوفيق كان قد أتخذ قرار من قبل قيادة الحزب بشأن دمج الأنصار والتنظيم المحلي ، وتطلب ذلك وقتا ليس بقصير لتحقيق هيئات جديدة ، وفي أول اجتماع للهيئة الجديدة طرحت موقف قيادة الحزب بشأن العوائل ودفعت باتجاه اتخاذ قرار حول العوائل ولكن نتائج مناقشاتنا أوصلتنا إلى الاختلاف حول الأمر وخصوصا ما يتعلق بالأنصار أصحاب العوائل ومن يرافق العوائل فأكد بعض الرفاق العراقيل التي تعترض تنفيذ قرار ما بهذا الشأن والبعض الآخر حرص على ضرورة تنظيم تواجد هؤلاء الأنصار مع عوائلهم من خلال تنظيم أجازاتهم ، وأدى هذا الاختلاف في الرأي إلى تأجيل دراسة هذا الأمر إلى ما بعد معالجة كل ما يرتبط بعملية الدمج والانتهاء من تشكيل هيئاتنا العسكرية والحزبية ، وثم إشراك العوائل في عملية المناقشة للوصول إلى قرار ملائم . و كان هذا السبب الأول الذي حال دون معالجة وضع العوائل في وقت مبكر ، وأما السبب الثاني فله قدر كبير من الأهمية أيضا ، حيث لم نكن نحن ولا محلية الشيخان لحدك ولا قياداتنا نتوقع حجم الهجوم القادم ونوايا السلطة ، كانت تصوراتنا لا تخرج من إطار كون أي هجوم قادم لا يتعدى أهدافا محددة ولن يكون شاملا أو يكون بمقدوره إزاحة قواتنا من المنطقة بشكل نهائي مما أدى ذلك إلى إهمال اتخاذ الإجراءات اللازمة للتصدي لهذا الهجوم الشامل . وواصل الرفيق حديثه وكما تعلم كنا نتصدى للهجمات السابقة بإمكانيات كبيرة ونواصل المقاومة لأيام كثيرة كما حصل أثناء هجوم كانيكا وهكذا كان الاعتقاد السائد أن الهجوم القادم سيكون بهذا الحجم وعند ذلك لدينا من الإمكانيات لمقاومته والتصدي له من حيث السلاح وعدد المقاتلين لحزبينا علاوة على قوات المقاومة الشعبية.
ولكنه هذه المرة وردتنا معلومات من تنظيماتنا في الداخل تؤكد أن قوات النظام تنوي شن هجوم واسع على مختلف مناطق كوردستان كان هذا قبل أسبوعين من الحدث وأبلغنا قيادة القاطع بهذه المعلومات ووجه الرفاق بضرورة التحري عن المزيد من المعلومات ونوايا السلطة و قبل أسبوع واحد من الهجوم وصلتنا المزيد من المعلومات حول تحشيدات عسكرية لقوات النظام في مختلف المناطق ، وخلال هذه الفترة طلبنا من قيادة لجنة الشيخان لحدك عقد اجتماع لتدارس الأوضاع على ضوء المعلومات التي تردنا والتحشيدات العسكرية الهائلة وكنت من بين الذين حضروا الاجتماع من جانبنا والسيد على خنسي من جانب حدك وتداولنا الأمر كثيرا وأكد الرفاق في حدك على استعدادهم للمقاومة وأشاروا إلى إمكانية ذلك ووجود أسلحة جيدة وأعداد كبيرة من المقاتلين والبيشمه ركه والمقاومة الشعبية واستشهدوا بمقاومة قواتنا في خواكورك والتي استمرت لما يقارب الشهرين من المعارك الضارية ، وقالوا على الأقل نستطيع مقاومة العدو لشهر واحد وهكذا جرى الاتفاق في هذا الاجتماع على المسائل التالية .
- تشكيل مفرزة مشتركة وإرسالها إلى قرى المنطقة وذلك لحث الناس على المقاومة وجمع المزيد من المعلومات والتصدي للحرب النفسية للعدو التي بدأ يشنها عملاءه بشكل نشط جدا في المنطقة وهي كانت تثير الهلع في صفوف الجماهير.
- أن تكون هنالك اتصالات مستمرة بين الطرفين للمزيد من التنسيق حول المستجدات في الوضع العسكري .
- الاستعداد للمقاومة وإعداد القوات و تهيأة مستلزماتها .
وبعد عودتنا إلى المقر اجتمعت اللجنة القيادية الجديدة لدراسة الوضع من كل الجوانب والقرارات التي توصلنا إليها في لجنة جك .واتخذنا الإجراءات التالية - أعددنا الأنصار للمشاركة في المفرزة المشتركة - واتخذنا قرارا بشأن معالجة الأسلحة والمؤن الزائدة عن الحاجة وإخفاءها للضرورة - ودرسنا وضع العوائل ، فطرح السؤال التالي بشأنهم . هل يتم اتخاذ قرار تتوجه العوائل بموجبه إلى المناطق الحدودية ..؟ علما كان الوضع لازال هادئا في مناطقنا على الأقل مع تأكيدنا على ضرورة إنقاذ العوائل توقفنا عند نقطتين أثارهما أبو سالار ( المسئول الأول للجنة ) ، 1- كيف سيكون موقف الجماهير لو انسحبت عوائلنا نحو الحدود.. ألا يثير ذلك الكثير من القلق لديها ويحدث بلبلة بين صفوفها وخصوصا أن الناس تعتمد كثيرا على مواقفنا ..؟؟ 2- من يرافق العوائل في انسحابهم وخصوصا أن الغالبية من أصحابها من الأنصار الذين يجري الاعتماد عليهم في مثل هذه الحالات الحرجة بحكم معرفتهم الجيدة بطبيعة المنطقة..؟ .
فإذا كانت هنالك إمكانية معالجة النقطة الثانية من خلال الاستعاضة بالأنصار كبار السن والغير فاعلين منهم لمرافقة العوائل فإننا لم نجد مخرجا نبرر به موقفنا أمام الجماهير، في حالة الانسحاب في ظل هذه الظروف. ولهذا جرى اتخاذ قرار بضرورة التريث وما ستؤول إليه الأحداث.
وفي الواقع كانت هنالك ضرورة لدراسة قضيتين أساسيتين ترتبطان بمسألة العوائل ووضعنا بشكل عام .
المسألة الأولى – كانت رؤيتنا في الاجتماع المنعقد بيننا وبين رفاق حدك وفي اجتماعاتنا الأخرى قاصرة وكانت مقارنة مناطقنا بمنطقة خواكورك مقارنة غير موفقة أوقعتنا في ورطة حقيقية للأسباب التالية 1- كانت هذه المناطق أي خواكورك تقع مباشرة على الحدود مع إيران ، وهذا جعل من الصعوبة بمكان على قوات النظام تطويقها ومحاصرتها وكذلك كان يسهل على قواتنا الدخول إلى الأراضي الإيرانية متى ما شعروا بعدم القدرة على مواصلة القتال 2- لم تكن قوات الأنصار والبيشمه ركه هناك في خواكورك مقيدة بوجود عوائل لمقاتليها ، وهذا ما وفر لها حرية الحركة والخفة اللازمة وسهولة مناورة العدو 3- والجانب الأكثر أهمية هنا هو مشاركة القيادات في العمليات الحربية المباشرة من خلال التصدي للهجمات وهذا ما أدى إلى تعزيز معنويات المقاتلين وقدرتهم على مقاومة العدو مثل هذه الفترة الطويلة والتي قاربت الشهرين.
المسألة الثانية - أرى كان لزاما علينا كقيادة محلية نينوى وقيادات الأنصار الأخرى وعلى أعلى المستويات أن نلجأ لاتخاذ قرار بشأن العوائل وخصوصا بعد ورود المعلومات الدقيقة من منظماتنا حول استعدادات العدو وتحشيداته العسكرية لشن هجوم واسع على مختلف مناطق كوردستان يهدف من وراءه تصفية الوجود المسلح هناك بعد أن تستطيع إزاحة سكان الريف من قراهم . ففي الواقع إن المعلومات التي كانت تصلنا كانت تفصيلية وتؤكد على حجم قوات النظام وتحشدا ته في كل منطقة ونواياه الحقيقية وهذا كان يعني أن النظام كان جادا وعبر كل إمكانياته من أجل تحقيق أهدافه المرسومة . وإلى جانب هذا كان من الضروري أن نأخذ وجودنا في العمق بنظر الاعتبار فكانت إمكانية تطويق ومحاصرة مناطقنا ممكنة بعكس خواكورك بحكم كونها مقطوعة ووجود مناطق واسعة ومدن عديدة تفصل بيننا وبين الحدود مع تركيا تسيطر عليها قوات النظام العسكرية وتديرها مؤسساته الحكومية وكانت تتوفر فيها شبكة من الطرق والمواصلات تساهم إلى حد كبير على تسهيل حركة العدو بينما قواتنا كانت دائما معرضة للوقوع في الحصار .
وهذا ما استغلته قوات النظام في الوقت الذي كان ذلك غائبا عن بالنا ولهذا فإنها بادرت منذ البداية على تشديد حصارها لمناطقنا عبر السيطرة على المنافذ الحدودية وثم التوجه لتضيق الحصار على مقراتنا والقرى القريبة منها ، وهكذا بدا عملاء النظام بحربهم النفسية من خلال إشاعة معلومات كان الهدف منها انهيار معنويات الجماهير و إحباط أية محاولة للمقاومة إلى جانب قوات الأنصار والبيشمه ركه ودفعها للاستسلام .
وفي الحقيقة أدى هذا النشاط من قبل عملاء النظام إلى خلق حالة من الرعب بين جماهير المنطقة ودفع قسم منها إلى ترك قراها متوجهة نحو الحدود وهي الوحيدة التي تخلصت من كماشة العدو ، واثر هذا وصلتنا أخبارا بواسطة مفرزتنا عن بدء نزوح الجماهير وترك قراهم ، فأرسلنا وفدا إلى سى ده را للاستفسار عن الموقف وهم أكدوا بدورهم على إنهم سيقومون بإرسال مفرزة للانضمام إلى رفاقنا بغية إشاعة الهدوء بين الناس ، ولكنه سرعان ما تواردت أنباء وإخبار مخيفة عن حجم القوات المتقدمة ونواياها ما أدى إلى عدم السيطرة على الوضع وبدأت الجماهير بالنزوح الجماعي واشتدت وتيرته في 23- 8- 1988 ولذا عادت مفرزتنا إلى المقر ، وعندها فقط بدأنا بشكل جدي الاستعداد للرحيل وكان ذلك متأخرا ، فأعطيت الأوامر إلى العوائل للتوجه إلى الحدود التركية عبر آشه وا فورا ولكنهم عادوا في صبيحة اليوم التالي دون أن يستطيعوا العبور بسبب الأعداد الكبيرة من القوات الموجودة على هذا المنفذ . ولم يبقى أمامنا إلا التوجه إلى كافيا وهناك وجدنا هذا المنفذ هو الآخر محتلا من قبل قوات النظام .
كفاح ( ماجد جمعة كنجي ) غيبت عائلته ضمن هذه الحملة أيضا وكانت ضمنها والدته وجدته وثلاثة من إخوته إضافة إلى عائلة عمه حسين حجي كنجي المتكونة من تسعة أشخاص . إذ قال في الحقيقة هناك عدة أسباب أدت إلى هذا التأخر والذي ساهم بدوره في فقدان هذه العوائل ضمن هذه الحملة .
1- خطأ تقديرات الحزب الشيوعي العراقي بشأن الحرب العراقية – الإيرانية التي شارفت على نهايتها دون أن يعمل على اتخاذ الإجراءات الضرورية بصدد مستقبل الحركة الأنصارية وما يرتبط بها وخصوصا العوائل التي أهملت معالجة وجودها وبقاءها ضمن مناطق تعرضت لاحقا بسهولة إلى مخاطر ثمنها كان حياة أفراد هذه العوائل . هناك من يقول أن الشيوعيين يشمون رائحة الخطر من بعيد أو يتوقعون حدوثه قبل سنوات عديدة من وقوعه ، وفي الواقع هذا لم ينطبق على قيادات الأنصار ولا على قيادة الحزب ، فلم تكن هناك قراءة مسبقة لتطورات الأحداث على مستوى العمليات العسكرية بين العراق وإيران حيث أن الانسحابات الإيرانية المتوالية من منطقة الفاو والقاطع الشمالي والوسط خلال فترة قصيرة والتي بدت وكأنها انتصارات عراقية والحقيقية كان ذلك دليلا على أن الحكومة الإيرانية ستقبل بوقف إطلاق النار بعد العودة إلى الحدود الدولية وبالتالي إنهاء الحرب ولو جرت متابعة هذه المجريات بشكل جدي لأستطاع الحزب التوصل إلى استنتاجات أفضل وبالتالي اتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن مجمل ما سيواجه الحزب ارتباطا بهذه التطورات العسكرية في جبهات القتال ، ومن خلال هذه المسألة كان يمكن توقع نهاية هذه الحرب وبالتالي التوقع أيضا بأن النظام سيلجأ لتنفيذ مخططاته في كوردستان والاستفراد بالحركة المسلحة فيها وجماهيرها ، في الوقت الذي بدا وكأن وقف الحرب في 8-8- 1988 كان مفاجئة بالنسبة إلى الحزب ، ومن المعروف إن المفاجآت في السياسة والميدان العسكري لها عواقب وخيمة على الأرض .
2- وعلى صعيد آخر وقريبا من الأحداث تم تشكيل هيئات قيادية جديدة للأنصار بعد دمج الجانب التنظيمي والعسكري ، كانت نتيجتها قيادات ضعيفة غير مؤهلة لقيادة العمل ضمن هذه الظروف المعقدة فعلى مستوى مناطقنا جرى تكليف أبو سالار بقيادة العمل في الجانبين في الوقت الذي كان يفتقر فيه إلى أية خبرة عسكرية بخلاف شخصيات أخرى لها تاريخ عسكري مشرف مثل المرحوم توما توماس .
3- بعد إيقاف الحرب مباشرة طالب العديد من الأنصار أصحاب العوائل إبعاد عوائلهم إلى مناطق آمنة على الحدود ولكنه لم تتم الاستجابة لهذا الطلب وهذا ما أدى إلى سهولة وقوع العوائل في الحصار أثناء تقدم القوات العسكرية للنظام على مناطقنا ضمن حملة الأنفال هذه ، وبالتالي الاضطرار لتسليم أنفسهم أثناء العفو.
4- فقدان حركة الأنصار لحيويتها ونشاطها كونها تخوض حرب بارتيزانية بعد أن تحولت إلى بناء مقرات كبيرة والتقوقع فيها وممارسة معارك جبهوية وتجميع العوائل حول هذه المقرات دون النظر إلى ضرورة إبعادها إلى المناطق الحدودية لإنقاذها من أية مخاطر تتهددهم.
يتبع

ليست هناك تعليقات: